كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 4)

مَعَ ذَلِكَ صَحِيحَةٌ، وَقَدْ وَرَدَتْ فِي كَلاَمِ الشَّافِعِيِّ، وَكَفَى بِهِ حُجَّةً فِي لُغَةِ الْعَرَبِ. (1)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِسْتِفْسَارُ:
2 - الاِسْتِفْسَارُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ: طَلَبُ ذِكْرِ مَعْنَى اللَّفْظِ حِينَ تَكُونُ فِيهِ غَرَابَةٌ أَوْ خَفَاءٌ، وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: طَلَبُ التَّفْسِيرِ مُطْلَقًا. (2)
ب - السُّؤَال:
3 - السُّؤَال: الطَّلَبُ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ طَلَبَ تَفْصِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
حُكْمُهُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
4 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ تَرْكَ الاِسْتِفْصَال فِي حِكَايَةِ الْحَال، مَعَ قِيَامِ الاِحْتِمَال، يَنْزِل مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَال. وَمِثَالُهُ أَنَّ غَيْلاَنَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمْسِكْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ (3) وَلَمْ يَسْأَل عَنْ كَيْفِيَّةِ
__________
(1) الفروق للقرافي 2 / 87 ط دار إحياء الكتب، وإرشاد الفحول ص 132 ط مصطفى الحلبي، والشرواني 10 / 275 ط الميمنية.
(2) فواتح الرحموت 2 / 330.
(3) حديث غيلان الثقفي أخرجه مالك، من حديث ابن شهاب بهذا اللفظ، وأخرجه الشافعي وأحمد وابن ماجه والترمذي بلفظ مقارب، وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم. وحكى الأشرم عن أحمد أن العمل عليه، بعد أن أعله بتفرد معمر في وصله وتحديثه به في غير بلده. وقال ابن عبد البر: طرقه كلها معلولة. (تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك 2 / 102، نشر مكتبة المشهد الحسيني، ونيل الأوطار 6 / 302 ط دار الجيل 1973 م، وتحفة الأحوذي 4 / 278 نشر السلفية) .
وُرُودِ عَقْدِهِ عَلَيْهِنَّ، أَكَانَ مُرَتَّبًا أَمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ؟ فَكَانَ إطْلاَقُ الْقَوْل، دَالًّا عَلَى أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ. (1)
وَفِي دَلاَلَةِ ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ وَعَدَمِهِ خِلاَفٌ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

حُكْمُهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
5 - يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْصِل فِي الأُْمُورِ الأَْسَاسِيَّةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ الصَّحِيحُ عَلَى مَعْرِفَتِهَا، حَتَّى يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى أُمُورٍ وَاضِحَةٍ لاَ لَبْسَ فِيهَا وَلاَ غُمُوضَ. (2) كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ مَاعِزٍ إذْ أَقَرَّ بِالزِّنَا، فَلَمْ يَرْجُمْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلاَّ بَعْدَ أَنِ اسْتَفْصَل مِنْهُ فَقَال: لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ؟ قَال: لاَ يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: أَنِكْتَهَا لاَ يُكَنِّي قَال فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ. (3)
فَلَمْ يَتْرُكِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَالاً لاِحْتِمَال التَّجَوُّزِ.
6 - وَهُنَاكَ أُمُورٌ لَيْسَتْ بِهَذِهِ الأَْهَمِّيَّةِ فَيُنْدَبُ فِيهَا لِلْحَاكِمِ الاِسْتِفْصَال وَلاَ يَجِبُ، كَمَا إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ جِهَةَ تَحَمُّلِهَا، وَوَثِقَ الْقَاضِي بِمَعْرِفَةِ الشَّاهِدِ عَلَى الشَّاهِدِ بِشَرَائِطِ التَّحَمُّل، وَكَانَ مُوَافِقًا لِلْقَاضِي فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَهُ، فَيَسْأَلَهُ: بِأَيِّ سَبَبٍ ثَبَتَ هَذَا الْمَال؟ وَهَل أَخْبَرَك بِهِ الأَْصْل (الشَّاهِدُ الأَْصْلِيُّ) أَوَّلاً وَكَمَا إِذَا شَهِدَ الْمُغَفَّل الَّذِي لاَ يَضْبِطُ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا، وَبَيَّنَ
__________
(1) فواتح الرحموت 1 / 289 ط بولاق، والفروق للقرافي 2 / 87، والتقرير والتحبير 1 / 234 ط بولاق، وتيسير التحرير 1 / 366 ط صبيح، وإرشاد الفحول ص 132.
(2) القليوبي 4 / 38 ط الحلبي.
(3) حديث ماعز أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه (فتح الباري 12 / 113 ط مطبعة الهيئة المصرية) .

الصفحة 59