كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)

الْمُرْتَدَّ كَفَرَ بِرَبِّهِ بَعْدَ مَا هُدِيَ لِلإِْسْلاَمِ وَوَقَفَ عَلَى مَحَاسِنِهِ، فَلاَ يُقْبَل مِنْهُ إِلاَّ الإِْسْلاَمُ أَوِ السَّيْفُ.

ب - مُشْرِكُونَ مِنَ الْعَرَبِ:
وَهَؤُلاَءِ لاَ تُقْبَل مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَشَأَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَالْقُرْآنُ نَزَل بِلُغَتِهِمْ، فَالْمُعْجِزَةُ فِي حَقِّهِمْ أَظْهَرُ، وَلِذَلِكَ لاَ يُقْبَل مِنْهُمْ إِلاَّ الإِْسْلاَمُ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا قُتِلُوا، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ تُقْبَل مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ.

ج - مُشْرِكُونَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ:
وَهَؤُلاَءِ لاَ تُقْبَل مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَظَاهِرِ مَذْهَبِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَلاَ يُقْبَل مِنْهُمْ إِلاَّ الإِْسْلاَمُ أَوِ السَّيْفُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (1) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا (2) وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَرِوَايَةً عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ تُقْبَل مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ؛ لأَِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ، فَيَجُوزُ ضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ (3) .

إِعْطَاءُ الأَْمَانِ لِلْمُشْرِكِ:
11 - أَجَازَ الْعُلَمَاءُ إِعْطَاءَ الأَْمَانِ لِلْمُشْرِكِ؛ لِيَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ
__________
(1) سورة التوبة / 9.
(2) حديث: " أمرت أن أقاتل الناس. . . . . " سبق تخريجه (ف / 7) .
(3) حاشية ابن عابدين 3 / 278، والهداية 2 / 160، وحاشية الدسوقي 2 / 201، ومغني المحتاج 4 / 244، وروضة الطالبين 10 / 305.
مَأْمَنَهُ} (1) قَال الأَْوْزَاعِيُّ: هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. كَمَا أَجَازُوهُ لِلرُّسُل؛ لأَِنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤَمِّنُ رُسُل الْمُشْرِكِينَ، وَقَال لِرَسُولَيْ مُسَيْلِمَةَ: لَوْلاَ أَنَّ الرُّسُل لاَ تُقْتَل لَقَتَلْتُكُمَا. (2)
وَيَكُونُ الأَْمَانُ مِنَ الإِْمَامِ، لأَِنَّ وِلاَيَتَهُ عَامَّةٌ، وَمِنَ الأَْمِيرِ لِمَنْ يُوجَدُ بِإِزَائِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَمِنْ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ لِحَدِيثِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَل مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ. (3) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مُسْتَأْمَنٌ) (4) .

صَيْدُ الْمُشْرِكِ وَذَبِيحَتُهُ:
12 - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ صَيْدِ الْمَجُوسِيِّ وَذَبِيحَتِهِ إِلاَّ مَا لاَ ذَكَاةَ لَهُ كَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ، فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى إِبَاحَتِهِ.
وَحُكْمُ سَائِرِ الْكُفَّارِ مِنْ عَبَدَةِ الأَْوْثَانِ وَالزَّنَادِقَةِ وَغَيْرِهِمْ حُكْمُ الْمَجُوسِ فِي تَحْرِيمِ ذَبَائِحِهِمْ
__________
(1) سورة التوبة / 9.
(2) حديث: " لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما " أخرجه أحمد وأبو داود من حديث نعيم بن مسعود الأشجعي بلفظ مقارب، والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري. وقال صاحب الفتح الرباني: سنده جيد (مسند أحمد بن حنبل 3 / 487، 488) نشر المكتب الإسلامي 1398 هـ، وعون المعبود 3 / 38 ط الهند، والفتح الرباني: 14 / 62 الطبعة الأولى 1370 هـ.
(3) حديث: " ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم. . . . . " أخرجه البخاري من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا (فتح الباري 6 / 279، 280 ط السلفية) .
(4) ابن عابدين 3 / 227، والمغني 8 / 398، والجمل 5 / 205، 206، 207، وقليوبي 4 / 226، والدسوقي 2 / 184، 185، وجواهر الإكليل 1 / 257، 258، وبدائع الصنائع 9 / 4321 ط الإمام.

الصفحة 10