كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)
الصُّوَرِ مَتَى ذَبَحَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْبَيْعُ وَلاَ الإِْبْدَال. وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِصَاحِبِهَا.
وَأَمَّا الَّذِي أُهْدِيَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا، أَوْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِهِ، فَيَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ وَالإِْبْدَال.
وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ الْمَمْنُوعُ أَوْ إِبْدَالٌ مَمْنُوعٌ فُسِخَ الْعَقْدُ إِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا، فَإِنْ فَاتَ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِالْعِوَضِ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا، فَإِنْ فَاتَ بِالصَّرْفِ أَوِ الضَّيَاعِ وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِمِثْلِهِ. (1) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ لِلْمُضَحِّي بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ الْمُهْدَى إِلَيْهِ، بِخِلاَفِ الْفَقِيرِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ، وَيَجُوزُ لِلْمُضَحِّي التَّصَدُّقُ بِالْجِلْدِ وَإِعَارَتِهِ وَالاِنْتِفَاعِ بِهِ لاَ بَيْعِهِ وَلاَ إِجَارَتِهِ. (2) وَقَوْل الْحَنَابِلَةِ مِثْل قَوْل الشَّافِعِيَّةِ، وَزَادُوا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُ جُلِّهَا أَيْضًا. (3)
63 - وَمِنَ الأُْمُورِ الَّتِي تُكْرَهُ لِلْمُضَحِّي بَعْدَ التَّضْحِيَةِ إِعْطَاءُ الْجَزَّارِ وَنَحْوِهِ أُجْرَتَهُ مِنَ الأُْضْحِيَّةِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا، لأَِنَّهُ كَالْبَيْعِ بِمَا يُسْتَهْلَكُ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: أَمَرَنِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأُقَسِّمَ جُلُودَهَا وَجِلاَلَهَا، وَأَمَرَنِي أَلاَّ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَال: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا. (4) (وَخَرَجَ بِالْبَيْعِ وَإِعْطَاءِ الأُْجْرَةِ) الاِنْتِفَاعُ بِالْجِلْدِ
__________
(1) الدسوقي 2 / 124، وبلغة السالك 1 / 310.
(2) المنهج مع حاشية البجيرمي 4 / 299.
(3) مطالب أولي النهى 2 / 475.
(4) حديث علي رضي الله عنه: " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه. . . . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 556 - ط السلفية) ومسلم (2 / 954 - ط الحلبي) .
وَغَيْرِهِ مِنَ الأُْضْحِيَّةِ الَّتِي لَمْ يَجِبِ التَّصَدُّقُ بِهَا، كَمَا لَوْ جُعِل سِقَاءً لِلْمَاءِ أَوِ اللَّبَنِ أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ فَرْوًا لِلْجُلُوسِ وَاللُّبْسِ، أَوْ صُنِعَ مِنْهُ غِرْبَالٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلأَِنَّهُ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِلَحْمِهَا بِالأَْكْل وَبِشَحْمِهَا بِالأَْكْل وَالاِدِّهَانِ فَكَذَا بِجِلْدِهَا وَسَائِرِ أَجْزَائِهَا.
هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. (1) وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِمَنْعِ إِعْطَاءِ الْجَزَّارِ فِي مُقَابَلَةِ جِزَارَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا شَيْئًا مِنْهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مُجْزِئَةً، أَمْ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ كَاَلَّتِي ذُبِحَتْ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْل ذَبْحِ ضَحِيَّةِ الإِْمَامِ، وَكَالَتِي تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَهُ.
وَأَجَازُوا تَأْجِيرَ جِلْدِهَا عَلَى الرَّاجِحِ. (2) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَحْرُمُ إِعْطَاءُ الْجَازِرِ فِي أُجْرَتِهِ شَيْئًا مِنْهَا، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ السَّابِقِ ذِكْرُهُ.
فَإِنْ دُفِعَ إِلَيْهِ لِفَقْرِهِ أَوْ عَلَى سَبِيل الْهَدِيَّةِ فَلاَ بَأْسَ، وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِجِلْدِهَا، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ وَلاَ شَيْئًا مِنْهَا (3)
النِّيَابَةُ فِي ذَبْحِ الأُْضْحِيَّةِ:
64 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِي ذَبْحِ الأُْضْحِيَّةِ إِذَا كَانَ النَّائِبُ مُسْلِمًا، لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ السَّابِقِ: يَا فَاطِمَةُ قُومِي إِلَى أُضْحِيَّتِكِ فَاشْهَدِيهَا (4) لأَِنَّ فِيهِ إِقْرَارًا عَلَى حُكْمِ النِّيَابَةِ.
__________
(1) البدائع 5 / 81، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 5 / 201.
(2) الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 124.
(3) شرح المنهج مع حاشية البجيرمي 4 / 299، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 110، 111.
(4) حديث فاطمة رضي الله عنها سبق تخريجه.
الصفحة 105