كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)

حُكْمِهِ لِلاِخْتِلاَفِ فِيهِ، كَمَا سَيَأْتِي كُل ذَلِكَ مُفَصَّلاً.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْخَمْرَ الَّتِي يَحْرُمُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، وَيُحَدُّ بِهَا، وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ هِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ خَاصَّةً، أَمَّا الأَْنْبِذَةُ عِنْدَهُمْ فَلاَ يُحَدُّ شَارِبُهَا إِلاَّ إِذَا سَكِرَ مِنْهَا (1) .
وَالأَْشْرِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَنْوَاعٍ

النَّوْعُ الأَْوَّل: الأَْشْرِبَةُ الْمُتَّخَذَةُ مِنَ الْعِنَبِ وَهِيَ
أ - الْخَمْرُ وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ النِّيءِ إِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَبِقَوْل الصَّاحِبَيْنِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ قَذْفِ الزَّبَدِ (2) قَال الأَْئِمَّةُ الثَّلاَثَةُ (مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ) . (3)
وَلِعَصِيرِ الْعِنَبِ أَنْوَاعٌ بِحَسَبِ ذَهَابِ جُزْءٍ مِنْهُ بِالطَّبْخِ، كَالْبَاذِقِ، وَالطِّلاَءِ، وَالْمُثَلَّثِ، وَالْمُنَصَّفِ وَلاَ يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (4) . وَفِي حُكْمِ هَذَا النَّوْعِ مَا يُتَّخَذُ مِنَ الزَّبِيبِ، وَهُوَ صِنْفَانِ: (1) نَقِيعُ الزَّبِيبِ وَهُوَ أَنْ يُتْرَكَ الزَّبِيبُ فِي الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ حَتَّى تَخْرُجَ حَلاَوَتُهُ إِلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَشْتَدُّ وَيَغْلِي وَيَقْذِفُ بِالزَّبَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، أَوْ لَمْ يَقْذِفْ بِالزَّبَدِ عِنْدَ صَاحِبَيْهِ.
__________
(1) الهداية مع فتح القدير 9 / 31.
(2) رد المحتار 5 / 288.
(3) المغني 8 / 317، والفواكه الدواني 2 / 289، والدسوقي مع الشرح الكبير 4 / 352، ومغني المحتاج 4 / 186، والمصباح المنير، وأساس البلاغة.
(4) الفتاوى الهندية 5 / 409، وابن عابدين مع الدر المختار 5 / 290، وبدائع الصنائع 6 / 2945 ط الإمام.
(2) نَبِيذُ الزَّبِيبِ وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ إِذَا طُبِخَ أَدْنَى طَبْخٍ وَغَلَى وَاشْتَدَّ (1) .

النَّوْعُ الثَّانِي:
مَا يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ أَوِ الرُّطَبِ (وَهُوَ السُّكَّرُ) وَالْبُسْرُ (وَهُوَ الْفَضِيخُ) . وَفِي حُكْمِ هَذَا النَّوْعِ الْخَلِيطَانِ. وَهُوَ شَرَابٌ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ وَمَاءِ التَّمْرِ أَوِ الْبُسْرِ أَوِ الرُّطَبِ الْمُخْتَلِطَيْنِ إِذَا طُبِخَا أَدْنَى طَبْخٍ وَإِنِ اشْتَدَّ، وَلاَ عِبْرَةَ بِذَهَابِ الثُّلُثَيْنِ (2)
النَّوْعُ الثَّالِثُ:
نَبِيذُ مَا عَدَا الْعِنَبَ وَالتَّمْرَ كَالْعَسَل أَوْ التِّينِ أَوِ الْبُرِّ وَنَحْوِهَا (3) . هَذِهِ هِيَ الأَْشْرِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، أَمَّا الْخَمْرُ فَبِإِجْمَاعِ الأُْمَّةِ، وَأَمَّا نَبِيذُ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ فَيَحْرُمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْقَدْرُ الْمُسْكِرُ مِنْهَا خِلاَفًا لِمُحَمَّدٍ، وَأَمَّا نَبِيذُ الْعَسَل وَالتِّينِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَمُبَاحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، بِشَرْطِ أَلاَّ يُشْرَبَ لِلَهْوٍ أَوْ طَرِبٍ، وَخَالَفَهُمَا مُحَمَّدٌ، وَرَأْيُهُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (4) ، كَمَا سَيَتَّضِحُ فِيمَا يَأْتِي.

أَحْكَامُ الْخَمْرِ:
6 - الْمُرَادُ بِالْخَمْرِ هُنَا جَمِيعُ الْمُسْكِرَاتِ جَرْيًا عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ، وَأَحْكَامُهَا مَا يَأْتِي:
__________
(1) المصباح المنير، والفتاوى الهندية 5 / 409، وفتح القدير مع الهداية 9 / 30 - 31.
(2) المغني 8 / 318 - 319، وتبيين الحقائق 6 / 45، والبدائع 6 / 2945
(3) البدائع 6 / 2946، والفتاوى الهندية 5 / 413، وابن عابدين 5 / 292 - 293، والهداية مع فتح القدير 9 / 32.
(4) نفس المراجع.

الصفحة 14