كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)
هُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ - قَالُوا: كَمَا لاَ يَتَعَدَّى حَجْرُ الرَّاهِنِ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ إِلَى غَيْرِهَا. وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: يَشْمَلُهُ الْحَجْرُ كَذَلِكَ مَا دَامَ الْحَجْرُ قَائِمًا، نَحْوُ مَا مَلَكَهُ بِإِرْثٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوِ اصْطِيَادٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، قَال الشَّافِعِيَّةُ: أَوْ شِرَاءٍ فِي الذِّمَّةِ. قَالُوا: لأَِنَّ مَقْصُودَ الْحَجْرِ وُصُول الْحُقُوقِ إِلَى أَهْلِهَا، وَذَلِكَ لاَ يَخْتَصُّ بِالْمَوْجُودِ (1) .
فَعَلَى قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ يَتَصَرَّفُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ فِيمَا تَجَدَّدَ لَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ مِنَ الْمَال، سَوَاءٌ كَانَ عَنْ أَصْلٍ، كَرِبْحِ مَالٍ تَرَكَهُ بِيَدِهِ بَعْضُ مَنْ فَلَّسَهُ، أَوْ عَنْ مُعَامَلَةٍ جَدِيدَةٍ، أَوْ عَنْ غَيْرِ أَصْلٍ كَمِيرَاثٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ. وَلاَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ إِلاَّ بِحَجْرٍ جَدِيدٍ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ (2) .
الإِْقْرَارُ:
18 - عَلَى قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - وَهُوَ خِلاَفُ الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - لاَ يُقْبَل عَلَى الْغُرَمَاءِ إِقْرَارُ الْمُفَلَّسِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ، لاِحْتِمَال التَّوَاطُؤِ بَيْنَ الْمُفَلَّسِ وَمَنْ أَقَرَّ لَهُ، وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ. وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ يُقْبَل فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ، إِنْ أُسْنِدَ وُجُوبُهُ إِلَى مَا قَبْل الْحَجْرِ عَلَيْهِ أَوْ
__________
(1) الفتاوى الهندية 5 / 62، والزرقاني 5 / 268، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 268، وشرح المنتهى 2 / 278، ونهاية المحتاج 4 / 309.
(2) الزرقاني والبناني على خليل 5 / 268، والشرح الكبير الدسوقي 3 / 268.
أُطْلِقَ، لاَ إِنْ أَضَافَهُ إِلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ، قَالُوا: يُقْبَل إِقْرَارُهُ عَلَى غُرَمَائِهِ إِنْ أَقَرَّ بِالْمَجْلِسِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، إِنْ كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ بِهِ ثَبَتَ بِالإِْقْرَارِ، أَوْ عُلِمَ تَقَدُّمُ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَهُمَا. أَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ إِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، فَلاَ يُقْبَل إِمْرَارُهُ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِمْ (1) .
تَصَرُّفَاتُ الْمُفَلِّسِ فِي الْمَال:
19 - تَصَرُّفَاتُ الْمُفَلِّسِ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ: الأَْوَّل: تَصَرُّفَاتٌ نَافِعَةٌ لِلْغُرَمَاءِ، كَقَبُولِهِ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ، فَهَذِهِ لاَ يُمْنَعُ مِنْهَا. الثَّانِي: تَصَرُّفَاتٌ ضَارَّةٌ، كَهِبَتِهِ لِمَالِهِ، وَوَقْفِهِ لَهُ، وَتَصَدُّقِهِ بِهِ، وَالإِْبْرَاءِ مِنْهُ، وَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ، فَهَذِهِ يُؤَثِّرُ فِيهَا الْحَجْرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَعَلَى الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَالْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ التَّصَرُّفَ يَقَعُ مَوْقُوفًا، فَإِنْ فَضَل ذَلِكَ عَنِ الدَّيْنِ نَفَذَ وَإِلاَّ لَغَا. وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ قَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يُكَفِّرُ الْمُفَلِّسُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ، لِئَلاَّ يَضُرَّ بِالْغُرَمَاءِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا النَّوْعِ التَّصَرُّفُ بَعْدَ الْمَوْتِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمَالٍ. وَإِنَّمَا صَحَّ هَذَا لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ تَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدَ حَقِّ الدَّائِنِينَ.
__________
(1) الفتاوى الهندية 5 / 62، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 3 / 267، 268، وشرح المنهاج 2 / 287، والمغني 4 / 439، وشرح المنتهى 2 / 278.
الصفحة 306