كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)

بِبَعْضِ ثَمَنِهَا مَسْكَنٌ يَبِيتُ فِيهِ، وَيُصْرَفُ الْبَاقِي إِلَى الْغُرَمَاءِ (1) .

د - آلاَتُ الصَّانِعِ:
قَال الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: تُتْرَكُ لِلْمُفَلِّسِ آلَةُ صَنْعَتِهِ، ثُمَّ قَال الْمَالِكِيَّةُ مِنْ هَؤُلاَءِ: إِنَّمَا تُتْرَكُ إِنْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الْقِيمَةِ، كَمِطْرَقَةِ الْحَدَّادِ: وَقَال بَعْضُهُمْ: تُبَاعُ أَيْضًا. وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهَا تُبَاعُ (2) .

هـ - رَأْسُ مَال التِّجَارَةِ:
قَال الْحَنَابِلَةُ وَابْنُ سُرَيْجٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يُتْرَكُ لِلْمُفَلِّسِ رَأْسُ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ، إِذَا لَمْ يُحْسِنِ الْكَسْبَ إِلاَّ بِهِ. قَال الرَّمْلِيُّ: وَأَظُنُّهُ يُرِيدُ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ، أَمَّا الْكَثِيرُ فَلاَ.
وَلَمْ نَرَ نَصًّا فِي ذَلِكَ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (3) .

و الْقُوتُ الضَّرُورِيُّ:
عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: يُتْرَكُ لِلْمُفَلِّسِ أَيْضًا مِنْ مَالِهِ قَدْرُ مَا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ مِنَ الْقُوتِ الضَّرُورِيِّ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْبُنْيَةُ، لاَ مَا يُتَرَفَّهُ. قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَتُتْرَكُ لَهُ وَلِزَوْجَاتِهِ وَأَوْلاَدِهِ وَوَالِدَيْهِ النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ، بِالْقَدْرِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْبُنْيَةُ. وَهَذَا إِنْ كَانَ مِمَّنْ لاَ يُمْكِنُهُ الْكَسْبُ، أَمَّا إِنْ كَانَ ذَا صَنْعَةٍ
__________
(1) الفتاوى الهندية 5 / 62، ونهاية المحتاج 4 / 318، 319، والمغني 4 / 444، 445.
(2) الزرقاني 5 / 270، ونهاية المحتاج 4 / 319، ومطالب أولي النهى 3 / 391.
(3) نهاية المحتاج 4 / 317.
يَكْتَسِبُ مِنْهَا، أَوْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ فَلاَ يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ.
ثُمَّ قَدْ قَال الْمَالِكِيَّةُ: يُتْرَكُ ذَلِكَ لَهُ وَلِمَنْ ذُكِرَ قَدْرُ مَا يَكْفِيهِمْ إِلَى وَقْتٍ يُظَنُّ بِحَسَبِ الاِجْتِهَادِ أَنَّهُ يَحْصُل لَهُ فِيهِ مَا تَتَأَتَّى مَعَهُ الْمَعِيشَةُ.
أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَلاَ يُتْرَكُ لَهُ مِنَ الْقُوتِ شَيْءٌ مَا عَدَا قُوتَ يَوْمِ الْقِسْمَةِ، وَلاَ نَفَقَةَ عَلَيْهِ أَيْضًا لِقَرِيبٍ، لأَِنَّهُ مُعْسِرٌ بِخِلاَفِ حَالِهِ قَبْل الْقِسْمَةِ.
وَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ لِمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (1) .

الإِْنْفَاقُ عَلَى الْمُفَلِّسِ وَعَلَى عِيَالِهِ مُدَّةَ الْحَجْرِ وَقَبْل قِسْمَةِ مَالِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ:
50 - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَوْل الصَّاحِبَيْنِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ: يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَال الْمُفَلِّسِ عَلَيْهِ - أَيْ عَلَى الْمُفَلِّسِ - بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ أَدْنَى مَا يُنْفِقُ عَلَى مِثْلِهِ، إِلَى أَنْ يُقْسَمَ مَالُهُ. وَذَلِكَ لأَِنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُل عَنْ مَالِهِ قَبْل الْقِسْمَةِ. وَكَذَلِكَ يُنْفِقُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُ الْمُفَلِّسَ نَفَقَتُهُ، مِنْ زَوْجَةٍ وَقَرِيبٍ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْحَجْرِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُول (2) وَهَذَا مَا لَمْ يَسْتَغْنِ الْمُفَلِّسُ بِكَسْبٍ
__________
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 3 / 277، ونهاية المحتاج 4 / 317، وشرح المنهاج مع حاشية القليوبي 2 / 290، 291، والمغني 4 / 446، ومطالب أولي النهى 3 / 391.
(2) حديث " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ". أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا بلفظ " ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا " يقول: فبين يديك، وعن يمينك وعن شمالك. (صحيح مسل

الصفحة 319