كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)
وَإِنْ دَخَلاَ بِلاَ إِشْهَادٍ فُسِخَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ، وَحُدَّا فِي الْحَالَتَيْنِ، مَا لَمْ يَكُنِ النِّكَاحُ فَاشِيًّا. (1)
وَهُنَاكَ شُرُوطٌ وَتَفْصِيلاَتٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالإِْشْهَادِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ، يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (نِكَاحٌ) .
الإِْشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ:
39 - لِلْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ الإِْشْهَادِ عَلَى الرَّجْعَةِ رَأْيَانِ:
أَوَّلُهُمَا: نَدْبُ الإِْشْهَادِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ. وَالإِْشْهَادُ عِنْدَهُمْ يَكُونُ عَلَى صِيغَةِ الرَّجْعَةِ أَوِ الإِْقْرَارِ بِهَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَثَانِيهِمَا: وُجُوبُ الإِْشْهَادِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ بُكَيْرٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةً عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَاسْتَدَل الْفَرِيقَانِ عَلَى أَنَّ الإِْشْهَادَ مَطْلُوبٌ بِقَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} . (2)
فَحَمَل الْفَرِيقُ الأَْوَّل الأَْمْرَ عَلَى الاِسْتِحْبَابِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الرَّجْعَةَ لاَ تَفْتَقِرُ إِلَى قَبُولٍ، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إِلَى شَهَادَةٍ، كَسَائِرِ حُقُوقِ الزَّوْجِ، وَلأَِنَّهَا اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ وَهَذَا لاَ يَتَطَلَّبُ الإِْشْهَادَ. وَحَمَل الْفَرِيقُ الثَّانِي الأَْمْرَ عَلَى الْوُجُوبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الأَْمْرِ. (3)
__________
(1) الحطاب والتاج والإكليل 3 / 408 - 410، وجواهر الإكليل 1 / 275.
(2) سورة الطلاق / 2.
(3) المغني 7 / 283 ط الرياض.
ثُمَّ مَنْ أَوْجَبَ الإِْشْهَادَ إِذَا رَاجَعَهَا بِدُونِهِ هَل تَصِحُّ الرَّجْعَةُ؟
مَنِ اعْتَبَرَ الإِْشْهَادَ شَرْطًا قَال: لاَ تَصِحُّ، وَمَنِ اعْتَبَرَهُ وَاجِبًا دِيَانَةً فَقَطْ صَحَّتِ الرَّجْعَةُ مَعَ الإِْثْمِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مَبْحَثِ الرَّجْعَةِ.
إِشْهَادُ الْمُنْفِقِ عَلَى الصَّغِيرِ:
40 - نَفَقَةُ الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلاَّ فَيُلْزَمُ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ شَرْعًا، وَهَذَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِشْهَادٍ.
وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ مِنْ مَالِهِمَا بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ، فَلاَ بُدَّ لِجَوَازِ الرُّجُوعِ عَلَى الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ مِنَ الإِْشْهَادِ.
وَكَذَلِكَ إِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مَنْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ.
وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (نَفَقَةٌ) .
الإِْشْهَادُ بِالإِْنْفَاقِ عَلَى مَنْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ:
41 - مَنْ أَنْفَقَ عَلَى مَنْ لاَ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُشْهِدَ حَتَّى يَرْجِعَ بِمَا يُنْفِقُ، وَذَلِكَ إِنْ عَجَزَ عَنِ اسْتِئْذَانِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ أَوِ الْحَاكِمُ. وَهَذَا هُوَ رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ، وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ، وَاكْتَفَى الْمَالِكِيَّةُ بِيَمِينِ الْمُنْفِقِ: أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ. وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ قَيِّمَ الْوَقْفِ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ مَالِهِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ فَلاَ بُدَّ مِنَ الإِْشْهَادِ. وَيُمْكِنُ التَّخْرِيجُ عَلَى هَذِهِ عِنْدَهُمْ فِيمَا
الصفحة 47