كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)

د - قَطْعُ الأَْصَابِعِ:
6 - قَطْعُ الإِْصْبَعِ الأَْصْلِيَّةِ إِنْ كَانَ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَهِيَ عُشْرُ دِيَةِ النَّفْسِ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ زَائِدَةً فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ فِي قُوَّةِ الإِْصْبَعِ الأَْصْلِيَّةِ فَفِيهَا دِيَةُ الإِْصْبَعِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْجِنَايَاتِ وَالدِّيَاتِ (1) .

إِصْرَارٌ

التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْصْرَارُ لُغَةً: مُدَاوَمَةُ الشَّيْءِ وَمُلاَزَمَتُهُ وَالثُّبُوتُ عَلَيْهِ (2)
وَاصْطِلاَحًا: الإِْصْرَارُ: هُوَ الْعَزْمُ بِالْقَلْبِ عَلَى الأَْمْرِ وَعَلَى تَرْكِ الإِْقْلاَعِ عَنْهُ. (3) وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَل الإِْصْرَارُ فِي الشَّرِّ وَالإِْثْمِ وَالذُّنُوبِ. (4)

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - الإِْصْرَارُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ جَهْلٍ، أَوْ عَنْ عِلْمٍ. فَإِذَا كَانَ الإِْصْرَارُ عَنْ جَهْلٍ فَقَدْ يُعْذَرُ مَنْ لاَ يَعْلَمُ حُرْمَةَ الْفِعْل الَّذِي أَصَرَّ عَلَيْهِ. أَمَّا إِذَا كَانَ عَنْ عِلْمٍ
__________
(1) ابن عابدين 1 / 371، 374، وجواهر الإكليل 2 / 270، والقليوبي 4 / 147، والمغني 8 / 35، 36.
(2) المصباح المنير ولسان العرب مادة (صرر) .
(3) القرطبي 4 / 211، والتعريفات للجرجاني.
(4) لسان العرب مادة (صرر) .
بِالْحُكْمِ فَإِنَّ الْفَاعِل يَكُونُ آثِمًا إِذَا كَانَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَيَتَضَاعَفُ إِثْمُهُ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ جُرْمٍ، لأَِنَّ الإِْصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ كَبِيرَةٌ، وَالإِْصْرَارُ عَلَى الْكَبَائِرِ يُؤَدِّي إِلَى عِظَمِ ذَنْبِهَا وَزِيَادَةِ وِزْرِهَا. (1) وَأَمَّا إِذَا كَانَ الإِْصْرَارُ عَلَى غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ، كَالإِْصْرَارِ عَلَى عَدَمِ إِفْشَاءِ أَسْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَدُوِّ رَغْمَ مَا يُلاَقِيهِ مِنْ عَنَتِ الأَْعْدَاءِ.
وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، كَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى فِعْل الطَّاعَاتِ وَتَرْكِ الْمَعَاصِي.
أَمَّا الإِْصْرَارُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ دُونَ تَحَقُّقِهَا فَفِيهِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: يُؤَاخَذُ بِهِ الإِْنْسَانُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} ، (2) وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِل وَالْمَقْتُول فِي النَّارِ. قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ هَذَا الْقَاتِل فَمَا بَال الْمَقْتُول، قَال: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْل صَاحِبِهِ. (3)
الثَّانِي: لاَ يُؤَاخَذُ بِهِ الإِْنْسَانُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ (4)
__________
(1) طهارة القلوب للدريني ص 112، والقليوبي 2 / 94، والفخر الرازي 9 / 11.
(2) سورة الحج / 25.
(3) حديث: " إذا التقى المسلمان. . . . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 85 ط السلفية) وأخرجه مسلم (4 / 2213 - 2214 ط الحلبي) بلفظ مقارب.
(4) حديث: " من هم بسيئة. . . . " أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا بلفظ: " من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة " (فتح الباري 11 / 323 ط السلفية) .

الصفحة 54