كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)
النَّوْعُ الثَّانِي
الإِْضَافَةُ إِلَى الشَّخْصِ
26 - التَّصَرُّفَاتُ إِمَّا أَنْ يُضِيفَهَا مُبَاشِرُهَا إِلَى نَفْسِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُضِيفَهَا إِلَى غَيْرِهِ.
أ - إِضَافَةُ التَّصَرُّفِ إِلَى الْمُبَاشِرِ نَفْسِهِ:
27 - الأَْصْل أَنْ يُضِيفَ مُبَاشِرُ التَّصَرُّفِ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ إِلَى نَفْسِهِ، وَأَنْ يُبَاشِرَ الْعَقْدَ مَنْ يَمْلِكُ السِّلْعَةَ، وَكَذَلِكَ الطَّلاَقُ، فَإِنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُهُ، فَلاَ بُدَّ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ، فَإِنْ صَدَرَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَقَعُ.
ب - إِضَافَةُ الْمُبَاشِرِ التَّصَرُّفَ إِلَى غَيْرِهِ:
28 - إِذَا أَضَافَ الْمُبَاشِرُ التَّصَرُّفَ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الإِْضَافَةُ بِإِذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنْ أُضِيفَ بِإِذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ كَالْوَكَالَةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ، فَمَنْ وَكَّل غَيْرَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ طَلاَقٍ أَوْ إِيصَال هِبَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، فَإِنَّ التَّوْكِيل يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَكِّل فِيمَا وَكَّل بِهِ، وَتَصَرُّفَاتُ الْوَكِيل مُعْتَبَرَةٌ. (1) وَأَمَّا إِنْ أُضِيفَ التَّصَرُّفُ إِلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى ذَلِكَ التَّصَرُّفِ، فَإِنْ كَانَ لاَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَذَلِكَ كَتَصَرُّفِ الْوَصِيِّ فِي شَأْنِ الْمُوصَى عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ مَنْ أَوْصَى غَيْرَهُ لِيَقُومَ مَقَامَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي رِعَايَةِ أَبْنَائِهِ لاَ يَحْتَاجُ الْوَصِيُّ فِي تَصَرُّفَاتِهِ إِلَى إِذْنِ الْمُوصَى عَلَيْهِمْ، لأَِنَّهُمْ تَحْتَ وِصَايَتِهِ، فَتَصَرُّفَاتُهُ - أَيِ الْوَصِيِّ - تَنْفُذُ عَلَيْهِمْ عَمَلاً بِكَلاَمِ الْمُوصِي. (2)
__________
(1) راجع مصطلح (وكالة) .
(2) راجع مصطلح (وصية) .
وَمِثْل الْوَصِيَّةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى الْوِلاَيَةُ. فَإِنَّ تَصَرُّفَاتِ الْوَلِيِّ تَنْفُذُ عَلَى مَنْ لَهُ الْوِلاَيَةُ عَلَيْهِمْ وَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِهِمْ. (1) وَكَذَلِكَ الْقَيِّمُ الَّذِي يُعِينُهُ الْقَاضِي، فَإِنَّ تَصَرُّفَاتِهِ صَحِيحَةٌ، وَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ مَنْ لَهُ الْقِوَامَةُ عَلَيْهِ. 29 - وَأَمَّا إِنْ كَانَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ الْغَيْرِ فَهُوَ تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ الَّذِي يَتَصَرَّفُ بِلاَ إِذْنٍ وَلاَ وِصَايَةٍ وَلاَ وِلاَيَةٍ وَلاَ قِوَامَةٍ فِي بَيْعٍ وَغَيْرِهِ. وَفِي صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - عَلَى قَوْلٍ عِنْدَهُمْ - وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى أَنَّ الْفُضُولِيَّ إِذَا تَصَرَّفَ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ، فَإِنْ أَجَازَهُ نَفَذَ وَإِلاَّ فَلاَ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - عَلَى قَوْلٍ عِنْدَهُمْ - وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْفُضُولِيِّ بِالْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ بَاطِلٌ، حَتَّى وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ. وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مَا لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَيَصِحُّ إِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمُشْتَرِي مَنِ اشْتَرَى لَهُ فِي الْعَقْدِ، بِأَنْ قَال: اشْتَرَيْتُ هَذَا، وَلَمْ يَقُل: لِفُلاَنٍ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ، سَوَاءٌ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ مَال الَّذِي اشْتَرَى لَهُ، أَوْ مِنْ مَال نَفْسِهِ، أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، لأَِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلتَّصَرُّفِ، وَاَلَّذِي نَقَدَهُ إِنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ. فَإِنْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدَهُمْ - إِلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْفُضُولِيِّ بِالْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ بَاطِلٌ فِي الْعَقَارِ
__________
(1) راجع مصطلح (ولاية) .
الصفحة 72