كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)

(الثَّانِيَةُ) : أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا لَهُ وَإِنْ بَعُدَتِ الْقَرَابَةُ، أَوْ زَوْجَةً. (الثَّالِثَةُ) : أَنْ يُنْفِقَ عَلَى مَنْ يُشْرِكُهُ وُجُوبًا كَأَبَوَيْهِ وَصِغَارِ وَلَدِهِ الْفُقَرَاءِ، أَوْ تَبَرُّعًا كَالأَْغْنِيَاءِ مِنْهُمْ وَكَعَمٍّ وَأَخٍ وَخَالٍ. فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشَّرَائِطُ سَقَطَ الطَّلَبُ عَمَّنْ أَشْرَكَهُمْ. وَإِذَا ضَحَّى بِشَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا نَاوِيًا غَيْرَهُ فَقَطْ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، مِنْ غَيْرِ إِشْرَاكِ نَفْسِهِ مَعَهُمْ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْهُمْ بِهَذِهِ التَّضْحِيَةِ، وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ فِيهِمُ الشَّرَائِطُ الثَّلاَثُ السَّابِقَةُ. وَلاَ بُدَّ فِي كُل ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الأُْضْحِيَّةُ مِلْكًا خَاصًّا لِلْمُضَحِّي، فَلاَ يُشَارِكُوهُ فِيهَا وَلاَ فِي ثَمَنِهَا، وَإِلاَّ لَمْ تُجْزِئْ، كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرَائِطِ الصِّحَّةِ. (1) 10 - وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِالسُّنِّيَّةِ مَنْ يَجْعَلُهَا سُنَّةَ عَيْنٍ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ، وَسُنَّةَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ أَهْل الْبَيْتِ الْوَاحِدِ، وَهَذَا رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ الشَّخْصَ يُضَحِّي بِالأُْضْحِيَّةِ الْوَاحِدَةِ - وَلَوْ كَانَتْ شَاةً - عَنْ نَفْسِهِ وَأَهْل بَيْتِهِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ تَفْسِيرَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ لأَِهْل الْبَيْتِ الْوَاحِدِ (وَالرَّاجِحُ) تَفْسِيرَانِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِمْ مَنْ تَلْزَمُ الشَّخْصَ نَفَقَتُهُمْ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ. (ثَانِيهِمَا) مَنْ تَجْمَعُهُمْ نَفَقَةُ مُنْفِقٍ وَاحِدٍ وَلَوْ تَبَرُّعًا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.
__________
(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 118، 119.
قَالُوا: وَمَعْنَى كَوْنِهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ - مَعَ كَوْنِهَا تُسَنُّ لِكُل قَادِرٍ مِنْهُمْ عَلَيْهَا - سُقُوطُ الطَّلَبِ عَنْهُمْ بِفِعْل وَاحِدٍ رَشِيدٍ مِنْهُمْ، لاَ حُصُول الثَّوَابِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ، إِلاَّ إِذَا قَصَدَ الْمُضَحِّي تَشْرِيكَهُمْ فِي الثَّوَابِ. (1) وَمِمَّا اسْتَدَل بِهِ عَلَى كَوْنِ التَّضْحِيَةِ سُنَّةَ كِفَايَةٍ عَنِ الرَّجُل وَأَهْل بَيْتِهِ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الأَْنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: {كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُل عَنْهُ وَعَنْ أَهْل بَيْتِهِ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً} . (2) وَهَذِهِ الصِّيغَةُ الَّتِي قَالَهَا أَبُو أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَقْتَضِي أَنَّهُ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ.

الأُْضْحِيَّةُ الْمَنْذُورَةُ:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَذْرَ التَّضْحِيَةِ يُوجِبُهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ النَّاذِرُ غَنِيًّا أَمْ فَقِيرًا، وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ نَذْرًا لِمُعَيَّنَةٍ نَحْوُ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَذْرًا فِي الذِّمَّةِ لِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لِمَضْمُونَةٍ، كَأَنْ يَقُول: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ، أَوْ يَقُول: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ. (3) فَمَنْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِمُعَيَّنَةٍ لَزِمَهُ التَّضْحِيَةُ بِهَا فِي
__________
(1) المجموع للنووي 8 / 383 - 386، ونهاية المحتاج بحاشيتي الرشيدي والشبراملسي 8 / 123، وتحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 8 / 141.
(2) حديث أبي أيوب رضي الله عنه: " كنا نضحي بالشاة الواحدة. . . . . . " أخرجه مالك 2 / 486 - ط الحلبي) . وقال النووي: هذا حديث صحيح (المجموع للنووي 8 / 384 ط الطباعة المنيرية) .
(3) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 125، والبجيرمي على المنهج 4 / 295، والمجموع للنووي 8 / 383 - 386 والمغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 11 / 94، 106، 107، ومطالب أولي النهى 2 / 480.

الصفحة 78