كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)

أُخْرَى يَدْخُل بِهَا الْمُشْرِكُ فِي الإِْسْلاَمِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ كُلُّهُ تَحْتَ عُنْوَانِ (إِسْلاَمٌ) .

نِكَاحُ الْمُشْرِكِ وَالْمُشْرِكَةِ:
8 - أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا بَيْنَهُمْ الأَْصْل فِيهَا الصِّحَّةُ، وَأَنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَيْهَا (1) ، وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحَا: (نِكَاحٌ، وَكُفْرٌ) .
وَلاَ يَخْتَلِفُ نِكَاحُ الْمُشْرِكِينَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنِ الْكُفَّارِ أَهْل الْكِتَابِ إِلاَّ فِي أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ كِتَابِيَّةً فَلَهُ اسْتِدَامَةُ نِكَاحِهَا، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَتْ مُشْرِكَةً غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ، وَانْظُرِ التَّفْصِيل تَحْتَ عِنْوَانِ (نِكَاحٌ) .

الاِسْتِعَانَةُ بِالْمُشْرِكِينَ فِي الْجِهَادِ:
9 - الْمُرَادُ بِالْمُشْرِكِ هُنَا مَا يَعُمُّ كُل كَافِرٍ، فَيُنْظَرُ: إِنْ خَرَجَ لِلْخِدْمَةِ، كَسَائِقِ سَيَّارَةٍ وَنَحْوِهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا.
أَمَّا إِذَا خَرَجَ لِلْقِتَال فَهُنَاكَ ثَلاَثَةُ اتِّجَاهَاتٍ:
ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ خُرُوجُهُ بِدَعْوَةٍ أَمْ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَانَ بِنَاسٍ مِنَ الْيَهُودِ فِي حَرْبِهِ (2) ، كَمَا رُوِيَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ، فَأَسْهَمَ لَهُ. (3)
__________
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 386 - 390، وحاشية الدسوقي 2 / 268، وشرح روض الطالب 3 / 163، والمغني 6 / 613، 614.
(2) حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود في حربه " أخرجه أبو داود في المراسيل كما في تحفة الأشراف (13 / 379 - ط الدار القيمة) وأعله ابن حجر في التلخيص بالإرسال (4 / 100 - ط الشركة الفنية) .
(3) حديث: " أن صفوان بن أمية خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين وهو على شركه فأسهم له ". أخرجه مسلم (2 / 737 - ط الحلبي) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ إِلَى مَنْعِ الاِسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِ، لَكِنْ لاَ يُمْنَعُ إِذَا خَرَجَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.
وَالرَّأْيُ الآْخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ - وَهُوَ اخْتِيَارُ أَصْبَغَ - أَنَّهُ يُمْنَعُ مُطْلَقًا (1) .

أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تُقْبَل مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآْخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (2) وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ الْمَجُوسِ، لِنَصِّ الْحَدِيثِ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْل الْكِتَابِ (3) وَلأَِنَّ لَهُمْ شُبْهَةَ كِتَابٍ. وَقَدْ وَضَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِزْيَةَ عَلَيْهِمْ.
أَمَّا مَا عَدَا هَؤُلاَءِ فَهُمْ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:

أ - مُرْتَدُّونَ:
وَهَؤُلاَءِ لاَ تُقْبَل مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ بِالإِْجْمَاعِ؛ لأَِنَّ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 235، والمغني 9 / 259 ط القاهرة، والدسوقي 2 / 178، 4 / 217.
(2) سورة التوبة / 29.
(3) حديث: " سنوا بهم. . . . . " أخرجه مالك عن طريق محمد بن علي من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه مرفوعا. قال ابن عبد البر: هذا منقطع لأن محمد بن علي لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف، إلا أن معناه متصل من وجوه حسان. وأخرجه الطبراني من حديث السائب بن ومجمع الزوائد 6 / 13 نشر مكتبة القدسي، وفتح الباري 6 / 261 ط السلفية)

الصفحة 9