كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 5)

بَدَنًا مِنْ غَيْرِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} . (1) وَمِنْ تَعْظِيمِهَا أَنْ يَخْتَارَهَا صَاحِبُهَا عَظِيمَةَ الْبَدَنِ سَمِينَةً.
وَإِذَا اخْتَارَ التَّضْحِيَةَ بِالشِّيَاهِ، فَأَفْضَلُهَا الْكَبْشُ الأَْمْلَحُ الأَْقْرَنُ الْمَوْجُوءُ (أَيِ الْمَخْصِيُّ) ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، وَلأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2) ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ، (3) وَالأَْقْرَنُ: الْعَظِيمُ الْقَرْنِ، وَالأَْمْلَحُ: الأَْبْيَضُ، وَالْمَوْجُوءُ: قِيل: هُوَ الْمَدْقُوقُ الْخُصْيَتَيْنِ، وَقِيل: هُوَ الْخَصِيُّ (4) ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: دَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ. (5)
قَال الْحَنَفِيَّةُ: الشَّاةُ أَفْضَل مِنْ سُبْعِ الْبَقَرَةِ. بَل أَفْضَل مِنَ الْبَقَرَةِ إِنِ اسْتَوَتَا فِي الْقِيمَةِ وَمِقْدَارِ اللَّحْمِ. وَالأَْصْل فِي هَذَا أَنَّ مَا اسْتَوَيَا فِي مِقْدَارِ اللَّحْمِ وَالْقِيمَةِ فَأَطْيَبُهُمَا لَحْمًا أَفْضَل. وَمَا اخْتَلَفَا فِيهِمَا فَالْفَاضِل أَوْلَى، وَالذَّكَرُ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ إِذَا كَانَ مَوْجُوءًا فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الأُْنْثَى، وَإِلاَّ فَالأُْنْثَى أَفْضَل عِنْدَ الاِسْتِوَاءِ فِي الْقِيمَةِ وَمِقْدَارِ اللَّحْمِ. وَالأُْنْثَى مِنْ الإِْبِل وَالْبَقَرِ أَفْضَل مِنَ الذَّكَرِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ اللَّحْمِ وَالْقِيمَةِ.
__________
(1) سورة الحج / 32.
(2) حديث أنس رضي الله عنه: " ضحى النبي. . . " أخرجه مسلم (3 / 1556 - 1557 - ط الحلبي) .
(3) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين موجوءين ". أخرجه أحمد من حديث أبي رافع وقال الهيثمي: إسناده حسن (مسند أحمد بن حنبل 6 / 8 ط الميمنية ومجمع الزوائد 4 / 21) .
(4) البدائع 5 / 80 والدر المختار مع حاشية ابن عابدين 5 / 205.
(5) حديث: " دم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين ". أخرجه أحمد (2 / 417 ط الميمنية) ، والحاكم (4 / 227 ط دار المعارف) وسكت عنه الذهبي فلم يصرح بإقراره أو بتعقبه.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ جَيِّدَةً، بِأَنْ تَكُونَ أَعْلَى النَّعَمِ، وَأَنْ تَكُونَ سَمِينَةً، وَيُنْدَبُ أَيْضًا تَسْمِينُهَا، لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَال: كُنَّا نُسَمِّنُ الأُْضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ ".
وَالذَّكَرُ أَفْضَل مِنَ الأُْنْثَى، وَالأَْقْرَنُ أَفْضَل مِنَ الأَْجَمِّ، وَيُفَضَّل الأَْبْيَضُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْفَحْل عَلَى الْخَصِيِّ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ، وَأَفْضَل الأَْضَاحِيِّ ضَأْنٌ مُطْلَقًا: فَحْلُهُ، فَخَصِيُّهُ، فَأُنْثَاهُ، فَمَعْزٌ كَذَلِكَ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَلِيهِمَا أَهِيَ الإِْبِل أَمِ الْبَقَرُ.
وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْبِلاَدِ، فَفِي بَعْضِهَا تَكُونُ الإِْبِل أَطْيَبَ لَحْمًا فَتَكُونُ أَفْضَل، وَفِي بَعْضِهَا يَكُونُ الْبَقَرُ أَطْيَبَ لَحْمًا فَيَكُونُ أَفْضَل. (1)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: أَفْضَل الأَْضَاحِيِّ سَبْعُ شِيَاهٍ، فَبَدَنَةٌ فَبَقَرَةٌ، فَشَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَسُبْعُ بَدَنَةٍ، فَسُبْعُ بَقَرَةٍ، وَالضَّأْنُ أَفْضَل مِنَ الْمَعْزِ، وَالذَّكَرُ الَّذِي لَمْ يَنْزُ أَفْضَل مِنَ الأُْنْثَى الَّتِي لَمْ تَلِدْ، وَيَلِيهِمَا الذَّكَرُ الَّذِي يَنْزُو، فَالأُْنْثَى الَّتِي تَلِدُ.
وَالْبَيْضَاءُ أَفْضَل، فَالْعَفْرَاءُ، فَالصَّفْرَاءُ، فَالْحَمْرَاءُ، فَالْبَلْقَاءُ، وَيَلِي ذَلِكَ السَّوْدَاءُ.
وَيُسْتَحَبُّ تَسْمِينُ الأُْضْحِيَّةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: أَفْضَل الأَْضَاحِيِّ الْبَدَنَةُ، ثُمَّ الْبَقَرَةُ، ثُمَّ الشَّاةُ، ثُمَّ شِرْكٌ فِي بَدَنَةٍ، ثُمَّ شِرْكٌ فِي
__________
(1) الدسوقي 2 / 122.

الصفحة 99