كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

قَال صَنَعَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ النَّبْهَانِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَدَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، فَلَمَّا فَرَغُوا قَال: أَثِيبُوا أَخَاكُمْ، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ وَمَا إِثَابَتُهُ؟ قَال: إِنَّ الرَّجُل إِذَا دَخَل بَيْتَهُ فَأَكَل طَعَامَهُ وَشَرِبَ شَرَابَهُ فَدَعَوْا لَهُ، فَذَلِكَ إِثَابَتُهُ (1)

- و - الأَْكْل بِثَلاَثَةِ أَصَابِعَ:
17 - السُّنَّةُ الأَْكْل بِثَلاَثَةِ أَصَابِعَ، قَال عِيَاضٌ: وَالأَْكْل بِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنَ الشَّرَهِ وَسُوءِ الأَْدَبِ، وَلأَِنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ لِذَلِكَ لِجَمْعِهِ اللُّقْمَةَ وَإِمْسَاكِهَا مِنْ جِهَاتِهَا الثَّلاَثِ: وَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى الأَْكْل بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ أَصَابِعَ، لِخِفَّةِ الطَّعَامِ وَعَدَمِ تَلْفِيقِهِ بِالثَّلاَثِ يَدْعَمُهُ بِالرَّابِعَةِ أَوِ الْخَامِسَةِ (2) . هَذَا إِنْ أَكَل بِيَدِهِ، وَلاَ بَأْسَ بِاسْتِعْمَال الْمِلْعَقَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا يَأْتِي.

ز - أَكْل اللُّقْمَةِ السَّاقِطَةِ:
18 - إِذَا وَقَعَتِ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطِ الآْكِل عَنْهَا الأَْذَى وَلْيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، لأَِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَوْضِعَ الْبَرَكَةِ فِي طَعَامِهِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي هَذِهِ اللُّقْمَةِ السَّاقِطَةِ، فَتَرْكُهَا يُفَوِّتُ عَلَى الْمَرْءِ بَرَكَةَ الطَّعَامِ (3) ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
__________
(1) حديث جابر قال: " صنع أبو الهيثم. . . " أخرجه أبو داود وقال المنذري: فيه رجل مجهول، وفيه يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد المعروف بالدالاني وقد وثقه غير واحد وتكلم فيه بعضهم. (عون المعبود 3 / 433 ط الهند) .
(2) نيل الأوطار 9 / 49، وأسنى المطالب 3 / 227.
(3) نيل الأوطار 9 / 44 وما بعدها.
إِذَا طَعِمَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلاَثَ، وَقَال: وَإِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الأَْذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ (1) .

ج - عَدَمُ الاِتِّكَاءِ أَثْنَاءَ الأَْكْل:
19 - وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَنَا فَلاَ آكُل مُتَّكِئًا (2) قَال الْخَطَّابِيُّ: الْمُتَّكِئُ هُنَا الْجَالِسُ مُعْتَمِدًا عَلَى وِطَاءٍ تَحْتَهُ، كَقُعُودِ مَنْ يُرِيدُ الإِْكْثَارَ مِنَ الطَّعَامِ. وَسَبَبُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ قِصَّةُ الأَْعْرَابِيِّ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَال: أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ، فَجَثَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَأْكُل، فَقَال أَعْرَابِيٌّ: مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ؟ فَقَال: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا. . . (3)
وَاخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الاِتِّكَاءِ، لَكِنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ الإِْكْثَارَ مِنَ الطَّعَامِ مَذْمُومٌ، وَمُرَادُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَمُّ فِعْل مَنْ يَسْتَكْثِرُ الطَّعَامَ، وَمَدْحُ مَنْ لاَ يَأْكُل إِلاَّ الْبُلْغَةَ مِنَ الزَّادِ، وَلِذَلِكَ قَعَدَ مُسْتَوْفِزًا (4) .

ط - التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ عَلَى الطَّعَامِ:
20 - فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى
__________
(1) حديث أنس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كل طعاما. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1607 ط عيسى الحلبي) .
(2) حديث: " أما أنا فلا آكل متكئا. . . ". أخرجه البخاري من حديث جحيفة رضي الله عنه بلفظ: " إني لا آكل متكئا " وفي رواية: " لا آكل وأنا متكئ " وأما اللفظ الوارد في صلب الموسوعة فهو للترمذي. (فتح الباري 9 / 540 ط السلفية، وتحفة الأحوذي 5 / 557 - 559 نشر المكتبة السلفية) .
(3) حديث عبد الله بن بسر قال: " أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه ابن ماجه. وقال الحافظ البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح رجاله ثقات (سنن ابن ماجه 2 / 1086 ط عيسى الحلبي) .
(4) أسنى المطالب 3 / 227، ونيل الأوطار 9 / 44 وما بعدها.

الصفحة 121