كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ لِلْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ مَا يَسْمَعُونَ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا كَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى الطَّرِيقِ، وَلَيْسَ لَهُ أَهْلٌ مَعْلُومُونَ، أَوْ صَلَّى فِيهِ غَيْرُ أَهْلِهِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لأَِهْلِهِ أَنْ يُؤَذِّنُوا وَيُقِيمُوا.
الثَّالِثُ لِلْحَنَابِلَةِ: الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَيُخْفِيَ أَذَانَهُ وَإِقَامَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ. (1)

مَا يُقَامُ لَهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ:
19 - يُقَامُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْمَفْرُوضَةِ فِي حَال الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَالاِنْفِرَادِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَلَبِ الإِْقَامَةِ لِكُلٍّ مِنَ الصَّلاَتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ، لأَِنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِمُزْدَلِفَةَ وَأَقَامَ لِكُل صَلاَةٍ (2) . وَلأَِنَّهُمَا صَلاَتَانِ جَمَعَهُمَا وَقْتٌ وَاحِدٌ، وَتُصَلَّى كُل صَلاَةٍ وَحْدَهَا، فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ لِكُل صَلاَةٍ إِقَامَةٌ. (3)
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَلَبِ الإِْقَامَةِ لِلصَّلَوَاتِ الْفَوَائِتِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حِينَ شَغَلَهُمُ الْكُفَّارُ يَوْمَ الأَْحْزَابِ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ أَمَرَ بِلاَلاً أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ لِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، حَتَّى قَالُوا: أَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى
__________
(1) بدائع الصنائع 1 / 418، وحاشية الدسوقي 1 / 198، والمجموع 3 / 85، والمغني 1 / 421
(2) حديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع المغرب. . . . "، أخرجه البخاري (3 / 523 - الفتح ط السلفية) .
(3) بدائع الصنائع 1 / 419 ط العاصمة، والمجموع 3 / 83 ط المنيرية، والمغني 1 / 420، وحاشية الدسوقي 1 / 200.
الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى الْعِشَاءَ. (1) وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الإِْقَامَةِ لِلْمُنْفَرِدِ، سَوَاءٌ صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي مَكَانٍ آخَرَ غَيْرِ الْمَسْجِدِ، لِخَبَرِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ الشَّظِيَّةِ لِلْجَبَل يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلصَّلاَةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُول اللَّهُ عَزَّ وَجَل: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ يَخَافُ مِنِّي، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ (2)
وَلَكِنَّهُ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى أَذَانِ الْحَيِّ وَإِقَامَتِهِ أَجْزَأَهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ " صَلَّى بِعَلْقَمَةَ وَالأَْسْوَدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ وَقَال: يَكْفِينَا أَذَانُ الْحَيِّ وَإِقَامَتُهُمْ (3) .

الإِْقَامَةُ لِصَلاَةِ الْمُسَافِرِ:
20 - الأَْذَانُ وَالإِْقَامَةُ لِلْفَرْدِ وَالْجَمَاعَةِ مَشْرُوعَانِ فِي السَّفَرِ كَمَا فِي الْحَضَرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ السَّفَرُ سَفَرَ قَصْرٍ أَوْ دُونَهُ. (4)
__________
(1) المجموع للنووي 3 / 82، 83، والمغني 1 / 420 ط الأولى، وبدائع الصنائع 1 / 419 وحديث أبي سعيد حين شغلهم الكفار يوم الأحزاب عن أربع صلوات. أخرجه الشافعي (1 / 86 - ط مكتبة الكليات الأزهرية) وصححه أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي (1 / 338 - ط الحلبي) .
(2) حديث: " يعجب ربك. . . " أخرجه النسائي (2 / 20 - ط المكتبة التجارية) وأبو داود (2 / 9 - ط عزت عبيد دعاس) وقال المنذري: رجاله ثقات.
(3) بدائع الصنائع 1 / 416، 417 ط العاصمة، وحاشية الدسوقي 1 / 197، ومواهب الجليل 1 / 451، وابن عابدين 1 / 264، 265، والمجموع للنووي 3 / 85، والمغني 1 / 420 وما بعدها ط الرياض، وكشاف القناع 1 / 211، والأثر عن عبد الله بن مسعود أنه صلى بعلقمة. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1 / 220 ط الدار السلفية) وإسناده صحيح.
(4) (4) بدائع الصنائع 1 / 417، وابن عابدين 1 / 264، ومواهب الجليل 1 / 449، وحاشية الدسوقي 1 / 197، والمجموع للنووي 3 / 82، وكشاف القناع 1 / 211، والمغني 1 / 421.

الصفحة 13