كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

أَوْ كِتَابَةٌ مِنْ نَاطِقٍ أَوْ إِشَارَةٌ مِنْ أَخْرَسَ تُشْعِرُ بِالاِلْتِزَامِ بِحَقٍّ، مِثْل: لِزَيْدٍ هَذَا الثَّوْبُ وَ " عَلَيَّ " وَ " فِي ذِمَّتِي " لِلْمَدِينِ الْمُلْتَزِمِ وَ " مَعِي " وَ " عِنْدِي " لِلْعَيْنِ

ثَانِيًا: الْمُلْتَزِمُ:
19 - الْمُلْتَزِمُ هُوَ مَنِ الْتَزَمَ بِأَمْرٍ مِنَ الأُْمُورِ كَتَسْلِيمِ شَيْءٍ، أَوْ أَدَاءِ دَيْنٍ، أَوِ الْقِيَامِ بِعَمَلٍ. وَالاِلْتِزَامَاتُ مُتَنَوِّعَةٌ عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ.
فَمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَاتِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ.
وَمَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعَاتِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَهْلاً لِلتَّبَرُّعِ (1) .
وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ مِنْ حَيْثُ تَصَرُّفُ الْوَكِيل وَالْوَلِيِّ وَالْفُضُولِيِّ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ أَجَازَ وَصِيَّةَ السَّفِيهِ وَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَالْحَنَابِلَةِ. (2) وَيُنْظَرُ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِهِ

ثَالِثًا: الْمُلْتَزَمُ لَهُ:
20 - الْمُلْتَزَمُ لَهُ الدَّائِنُ، أَوْ صَاحِبُ الْحَقِّ: فَإِنْ كَانَ الاِلْتِزَامُ تَعَاقُدِيًّا، وَكَانَ الْمُلْتَزَمُ لَهُ طَرَفًا فِي الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الأَْهْلِيَّةُ، أَيْ أَهْلِيَّةُ التَّعَاقُدِ عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْعُقُودِ، وَإِلاَّ تَمَّ ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ.
وَإِذَا كَانَ الاِلْتِزَامُ بِالإِْرَادَةِ الْمُنْفَرِدَةِ فَلاَ يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزَمِ لَهُ ذَلِكَ.
وَاَلَّذِي يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزَمِ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ أَنْ يَكُونَ
__________
(1) فتح العلي المالك 1 / 217، ونهاية المحتاج 5 / 464، 4 / 420، 6 / 34، والبدائع 6 / 118، 207، والمادة 168 من مرشد الحيران.
(2) منتهى الإرادات 2 / 539.
مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَ، أَوْ يَمْلِكُ النَّاسُ الاِنْتِفَاعَ بِهِ كَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ. (1)
وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الاِلْتِزَامُ لِلْحَمْل، وَلِمَنْ سَيُوجَدُ، فَتَصِحُّ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ وَالْهِبَةُ لَهُ. (2) وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِمَيِّتٍ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ، وَيُصْرَفُ الْمُوصَى بِهِ فِي قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدُّيُونِ، وَإِلاَّ صُرِفَ لِوَرَثَتِهِ وَإِلاَّ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ. (3)
كَمَا أَنَّ كَفَالَةَ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ جَائِزَةٌ، وَقَدْ أَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَْكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقَال: هَل عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ دِينَارَانِ، قَال: هَل تَرَكَ لَهُمَا وَفَاءً؟ قَالُوا: لاَ، فَتَأَخَّرَ، فَقِيل: لِمَ لاَ تُصَلِّي عَلَيْهِ؟ فَقَال: مَا تَنْفَعُهُ صَلاَتِي وَذِمَّتُهُ مَرْهُونَةٌ إِلاَّ إِنْ قَامَ أَحَدُكُمْ فَضَمِنَهُ، فَقَامَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَال: هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُول اللَّهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4) .
__________
(1) فتح العلي المالك 1 / 217.
(2) الاختيار 5 / 64، وفتح العلي 1 / 248، 249، والمغني 6 / 56، 58.
(3) جواهر الإكليل 2 / 317.
(4) جواهر الإكليل 2 / 109، ونهاية المحتاج 4 / 418، والمغني 4 / 591 وحديث: " سلمة بن الأكوع. . . . " أخرجه البخاري بلفظ " كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجنازة فقالوا: صل عليها، فقال: هل عليه دين؟ قالوا: لا. قال: فهل ترك شيئا؟ قالوا: لا. فصلى عليه. ثم أتي بجنازة أخرى فقالوا: يارسول الله صل عليها، قال: هل ع (فتح الباري 4 / 466، 467 ط السلفية) .

الصفحة 152