كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

خَافَ عَلَى دَمِهِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ، فَكَذَلِكَ إِذَا خَافَ عَلَى مَالِهِ. (1)
وَمِنْ ذَلِكَ أَخْذُ اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ، إِذْ يَجِبُ الأَْخْذُ إِذَا خِيفَ الضَّيَاعُ، لأَِنَّ حِفْظَ مَال الْغَيْرِ وَاجِبٌ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: يَلْزَمُ أَنْ يُؤْخَذَ اللَّقِيطُ وَلاَ يُتْرَكَ، لأَِنَّهُ إِنْ تُرِكَ ضَاعَ وَهَلَكَ، لاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي لُقَطَةِ الْمَال، وَهَذَا الاِخْتِلاَفُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ وَالإِْمَامُ عَدْلٌ. أَمَّا إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ غَيْرِ مَأْمُونِينَ فَأَخْذُهَا وَاجِبٌ قَوْلاً وَاحِدًا (2) .
وَمِنْ ذَلِكَ الاِلْتِزَامُ بِالْوِلاَيَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِحِفْظِ مَال الصَّغِيرِ وَالْيَتِيمِ وَالسَّفِيهِ. (3)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ.

(7) الضَّمَانُ:
38 - الضَّمَانُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الاِلْتِزَامِ، وَهُوَ يَكُونُ بِإِتْلاَفِ مَال الْغَيْرِ أَوِ الاِعْتِدَاءِ عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ أَوِ السَّرِقَةِ أَوْ بِالتَّعَدِّي فِي الاِسْتِعْمَال الْمَأْذُونِ فِيهِ فِي الْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَأْجَرِ أَوْ بِالتَّفْرِيطِ وَتَرْكِ الْحِفْظِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ.
يَقُول الْكَاسَانِيُّ: تَتَغَيَّرُ صِفَةُ الْمُسْتَأْجَرِ مِنَ الأَْمَانَةِ
__________
(1) البدائع 6 / 207، والمهذب 1 / 365، 366.
(2) منح الجليل 4 / 119.
(3) الأشباه للسيوطي 172، والمهذب 1 / 470.
إِلَى الضَّمَانِ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا: تَرْكُ الْحِفْظِ، لأَِنَّ الأَْجِيرَ لَمَّا قَبَضَ الْمُسْتَأْجَرَ فَقَدْ الْتَزَمَ حِفْظَهُ، وَتَرْكُ الْحِفْظِ الْمُلْتَزَمِ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ، كَالْمُودَعِ إِذَا تَرَكَ الْحِفْظَ حَتَّى ضَاعَتِ الْوَدِيعَةُ.
وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ بِالإِْتْلاَفِ وَالإِْفْسَادِ إِذَا كَانَ الأَْجِيرُ مُتَعَدِّيًا فِيهِ، إِذِ الاِسْتِعْمَال الْمَأْذُونُ فِيهِ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلاَمَةِ. (1)
وَيَقُول السُّيُوطِيُّ: أَسْبَابُ الضَّمَانِ أَرْبَعَةٌ:
الأَْوَّل: الْعَقْدُ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ ضَمَانُ الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ قَبْل الْقَبْضِ، وَالْمُسْلَمُ فِيهِ، وَالْمَأْجُورُ.
وَالثَّانِي: الْيَدُ، مُؤْتَمَنَةً كَانَتْ كَالْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْمُقَارَضَةِ إِذَا حَصَل التَّعَدِّي، أَوْ غَيْرَ مُؤْتَمَنَةٍ كَالْغَصْبِ وَالسَّوْمِ وَالْعَارِيَّةِ وَالشِّرَاءِ فَاسِدًا.
وَالثَّالِثُ: الإِْتْلاَفُ لِلنَّفْسِ أَوِ الْمَال.
وَالرَّابِعُ: الْحَيْلُولَةُ. (2)
وَيَقُول ابْنُ رُشْدٍ: الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ إِمَّا الْمُبَاشَرَةُ لأَِخْذِ الْمَال الْمَغْصُوبِ أَوْ لإِِتْلاَفِهِ، وَإِمَّا الْمُبَاشَرَةُ لِلسَّبَبِ الْمُتْلِفِ، وَإِمَّا إِثْبَاتُ الْيَدِ عَلَيْهِ. (3)
وَفِي الْقَوَاعِدِ لاِبْنِ رَجَبٍ: أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلاَثَةٌ: عَقْدٌ، وَيَدٌ، وَإِتْلاَفٌ. (4) وَفِي كُل ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلاَتٌ وَتَفْرِيعَاتٌ تُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهَا.

حُكْمُ الْوَفَاءِ بِالاِلْتِزَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ:
39 - الأَْصْل فِي الاِلْتِزَامِ أَنَّهُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ امْتِثَالاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (5)
__________
(1) البدائع للكاساني 4 / 210، 211 و6 / 216، 218.
(2) أشباه السيوطي / 390.
(3) بداية المجتهد 2 / 316.
(4) القواعد لابن رجب ص 204.
(5) سورة المائدة / 1.

الصفحة 161