كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

وَشَرْعًا: هِيَ كُفْرُ الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ الْعَاقِل الْمُخْتَارِ الَّذِي ثَبَتَ إِسْلاَمُهُ وَلَوْ بِبُنُوَّتِهِ لِمُسْلِمٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِالشَّهَادَتَيْنِ. أَوْ كُفْرُ مَنْ نَطَقَ بِهِمَا عَالِمًا بِأَرْكَانِ الإِْسْلاَمِ مُلْتَزِمًا بِهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالإِْتْيَانِ بِصَرِيحِ الْكُفْرِ بِلَفْظٍ يَقْتَضِيهِ، أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (1) وَهَذَا التَّعْرِيفُ هُوَ أَجْمَعُ التَّعَارِيفِ فِي الرِّدَّةِ.

ب - النِّفَاقُ:
3 - النِّفَاقُ: إِظْهَارُ الإِْيمَانِ بِاللِّسَانِ، وَكِتْمَانُ الْكُفْرِ بِالْقَلْبِ. وَلاَ يُطْلَقُ هَذَا الاِسْمُ عَلَى مَنْ يُظْهِرُ شَيْئًا وَيُخْفِي غَيْرَهُ مِمَّا لاَ يَخْتَصُّ بِالْعَقِيدَةِ (2) .

ج - الزَّنْدَقَةُ:
4 - الزَّنْدَقَةُ: إِبْطَانُ الْكُفْرِ وَالاِعْتِرَافُ بِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَال الزِّنْدِيقِ وَأَفْعَالِهِ.
وَقِيل: هُوَ مَنْ لاَ دِينَ لَهُ (3) .
وَمِنَ الزَّنْدَقَةِ: الإِْبَاحِيَّةُ، وَهِيَ: الاِعْتِقَادُ بِإِبَاحَةِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَنَّ الأَْمْوَال وَالْحُرَمَ مُشْتَرَكَةٌ.

د - الدَّهْرِيَّةُ:
5 - الدَّهْرِيُّ: مَنْ يَقُول بِقِدَمِ الدَّهْرِ، وَلاَ يُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ، وَيُنْكِرُ حَشْرَ الأَْجْسَادِ وَيَقُول: {إِنْ هِيَ إِلاَّ
__________
(1) المصباح (ردة) ، وجواهر الإكليل 2 / 277، والمغني 8 / 123، وابن عابدين 3 / 283.
(2) التعريفات للجرجاني، وفتح القدير 4 / 408، والمصباح المنير والفروق في اللغة ص 223، وروضة الطالبين 10 / 75، ومغني المحتاج 4 / 141.
(3) المصباح المنير مادة (زندق) ، وابن عابدين 3 / 296، وفتح القدير 4 / 408، وروضة الطالبين 10 / 75، ومغني المحتاج 4 / 141.
حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ} (1) مَعَ إِنْكَارِ إِسْنَادِ الْحَوَادِثِ إِلَى الصَّانِعِ الْمُخْتَارِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (2) .

الْفَرْقُ بَيْنَ كُلٍّ مِنَ الزَّنْدَقَةِ وَالنِّفَاقِ وَالدَّهْرِيَّةِ وَبَيْنَ الإِْلْحَادِ:
6 - نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ ابْنِ كَمَالٍ بَاشَا قَوْلَهُ: الزِّنْدِيقُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ يُطْلَقُ عَلَى: مَنْ يَنْفِي الْبَارِيَ تَعَالَى، وَعَلَى مَنْ يُثْبِتُ الشَّرِيكَ، وَعَلَى مَنْ يُنْكِرُ حِكْمَتَهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَدِّ الْعُمُومُ الْوَجْهِيُّ، لأَِنَّهُ قَدْ لاَ يَكُونُ مُرْتَدًّا، كَمَا لَوْ كَانَ زِنْدِيقًا أَصْلِيًّا غَيْرَ مُنْتَقِلٍ عَنْ دَيْنِ الإِْسْلاَمِ. وَالْمُرْتَدُّ قَدْ لاَ يَكُونُ زِنْدِيقًا، كَمَا لَوْ تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ. وَقَدْ يَكُونُ مُسْلِمًا فَيَتَزَنْدَقُ. وَأَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الشَّرْعِ فَالْفَرْقُ أَظْهَرُ، لاِعْتِبَارِهِمْ فِيهِ إِبْطَانَ الْكُفْرِ وَالاِعْتِرَافَ بِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزِّنْدِيقِ وَالْمُنَافِقِ وَالدَّهْرِيِّ وَالْمُلْحِدِ - مَعَ الاِشْتِرَاكِ فِي إِبْطَانِ الْكُفْرِ - أَنَّ الْمُنَافِقَ غَيْرُ مُعْتَرِفٍ بِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدَّهْرِيُّ كَذَلِكَ مَعَ إِنْكَارِ إِسْنَادِ الْحَوَادِثِ إِلَى الصَّانِعِ الْمُخْتَارِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالْمُلْحِدُ لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الاِعْتِرَافُ بِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ بِوُجُودِ الصَّانِعِ تَعَالَى. وَبِهَذَا فَارَقَ الدَّهْرِيَّ أَيْضًا. وَلاَ يُعْتَبَرُ فِيهِ إِضْمَارُ الْكُفْرِ، وَبِهِ فَارَقَ الْمُنَافِقَ. كَمَا لاَ يُعْتَبَرُ فِيهِ سَبْقُ الإِْسْلاَمِ وَبِهِ فَارَقَ الْمُرْتَدَّ. فَالْمُلْحِدُ أَوْسَعُ فِرَقِ الْكُفْرِ حَدًّا، وَأَعَمُّ فِي الْجُمْلَةِ مِنَ الْكُل. (3) أَيْ هُوَ مَعْنَى الْكَافِرِ مُطْلَقًا، تَقَدَّمَهُ إِسْلاَمُهُ أَمْ لاَ، أَظْهَرَ كُفْرَهُ أَمْ أَبْطَنَهُ.
__________
(1) سورة الجاثية / 24.
(2) المصباح المنير، وابن عابدين 3 / 296.
(3) ابن عابدين 3 / 96.

الصفحة 178