كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)
الْمَرْأَةِ وَنَوَتْ هِيَ الاِقْتِدَاءَ بِهِ لَمْ تَضُرَّهُ، فَتَصِحُّ صَلاَتُهُ وَلاَ تَصِحُّ صَلاَتُهَا، لأَِنَّ الاِشْتِرَاكَ لاَ يَثْبُتُ دُونَ النِّيَّةِ. (1)
وَلاَ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الإِْمَامِ الإِْمَامَةَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، إِلاَّ فِي الْجُمُعَةِ وَالصَّلاَةِ الْمُعَادَةِ وَالْمَنْذُورَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ لِلإِْمَامِ أَنْ يَنْوِيَ الإِْمَامَةَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلاَفِ الْمُوجِبِ لَهَا، وَلِيَحُوزَ فَضِيلَةَ الإِْمَامَةِ وَصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ. (2)
الأَْحَقُّ بِالإِْمَامَةِ:
14 - وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ الأَْحَادِيثُ التَّالِيَةُ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانُوا ثَلاَثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالإِْمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا، وَلاَ يَؤُمَّنَّ الرَّجُل الرَّجُل فِي سُلْطَانِهِ، وَلاَ يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ. (3)
15 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ وَكَانَ فِيهِمْ ذُو سُلْطَانٍ، كَأَمِيرٍ وَوَالٍ وَقَاضٍ فَهُوَ أَوْلَى بِالإِْمَامَةِ مِنَ الْجَمِيعِ حَتَّى مِنْ صَاحِبِ الْمَنْزِل وَإِمَامِ الْحَيِّ، وَهَذَا إِذَا كَانَ مُسْتَجْمِعًا لِشُرُوطِ صِحَّةِ
__________
(1) مراقي الفلاح ص 158، وفتح القدير 1 / 314
(2) بلغة السالك 1 / 451، ونهاية المحتاج 2 / 204، 205
(3) حديث: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " أخرجه مسلم (1 / 465 - ط الحلبي)
الصَّلاَةِ كَحِفْظِ مِقْدَارِ الْفَرْضِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ بِأَرْكَانِ الصَّلاَةِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْقَوْمِ مَنْ هُوَ أَفْقَهُ أَوْ أَقْرَأُ مِنْهُ، لأَِنَّ وِلاَيَتَهُ عَامَّةٌ، وَلأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ ذُو سُلْطَانٍ يُقَدَّمُ صَاحِبُ الْمَنْزِل، وَيُقَدَّمُ إِمَامُ الْحَيِّ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ أَوْ أَقْرَأَ أَوْ أَوْرَعَ مِنْهُ، إِنْ شَاءَ تَقَدَّمَ وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَ مَنْ يُرِيدُهُ. لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الْمَنْزِل أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ هُوَ أَفْضَل مِنْهُ.
وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ بِنَاءَ أَمْرِ الإِْمَامَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ وَالْكَمَال، وَمَنِ اسْتَجْمَعَ خِصَال الْعِلْمِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْوَرَعِ وَكِبَرِ السِّنِّ وَغَيْرِهَا مِنَ الْفَضَائِل كَانَ أَوْلَى بِالإِْمَامَةِ.
وَلاَ خِلاَفَ فِي تَقْدِيمِ الأَْعْلَمِ وَالأَْقْرَأِ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ هُوَ أَفْضَل مِنْهُ فِي الْوَرَعِ وَالسِّنِّ وَسَائِرِ الأَْوْصَافِ. (1)
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ) (2) عَلَى أَنَّ الأَْعْلَمَ بِأَحْكَامِ الْفِقْهِ أَوْلَى بِالإِْمَامَةِ مِنَ الأَْقْرَأِ، لِحَدِيثِ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَل بِالنَّاسِ وَكَانَ ثَمَّةَ مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ، لاَ أَعْلَمُ مِنْهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ (3) ، وَلِقَوْل أَبِي سَعِيدٍ:
__________
(1) مراقي الفلاح ص 163، وفتح القدير 1 / 301 - 304، ونهاية المحتاج 2 / 175 - 179، وجواهر الإكليل 1 / 83، وكشاف القناع 1 / 473، وبدائع الصنائع 1 / 157، والمغني لابن قدامة 2 / 206
(2) فتح القدير 1 / 303، ونهاية المحتاج 2 / 175، وجواهر الإكليل 1 / 83
(3) حديث: " أقرؤكم أبي "، أخرجه الترمذي (5 / 664 - ط الحلبي) وهو حديث صحيح. الإصابة لابن حجر (3 / 427 - ط مطبعة السعادة)
الصفحة 207