كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

وَالْمُبْتَدِعُ فَلاَ تَخْلُو إِمَامَتُهُمَا عَنِ الْكَرَاهَةِ بِحَالٍ، حَتَّى صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ كَرَاهَةَ تَقْدِيمِهِمَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: كُرِهَ إِمَامَةُ مَقْطُوعِ الْيَدِ أَوِ الرِّجْل وَالأَْشَل وَالأَْعْرَابِيِّ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَ، وَكُرِهَ إِمَامَةُ ذِي السَّلَسِ وَالْقُرُوحِ لِلصَّحِيحِ، وَإِمَامَةُ مَنْ يَكْرَهُهُ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ كَرِهَهُ الْكُل أَوِ الأَْكْثَرُ، أَوْ ذُو الْفَضْل مِنْهُمْ - وَإِنْ قَلُّوا - فَإِمَامَتُهُ حَرَامٌ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَعَنَ رَسُول اللَّهِ ثَلاَثَةً: رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ. . . (2) كَمَا كُرِهَ أَنْ يُجْعَل إِمَامًا رَاتِبًا كُلٌّ مِنَ الْخَصِيِّ أَوِ الْمَأْبُونِ أَوِ الأَْقْلَفِ (غَيْرِ الْمَخْتُونِ) أَوْ وَلَدِ الزِّنَا، أَوْ مَجْهُول الْحَال. (3)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُكْرَهُ إِمَامَةُ الْفَاسِقِ وَالأَْقْلَفِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا، كَمَا يُكْرَهُ إِمَامَةُ الْمُبْتَدِعِ، وَمَنْ يَكْرَهُهُ أَكْثَرُ الْقَوْمِ لأَِمْرٍ مَذْمُومٍ فِيهِ شَرْعًا، وَالتَّمْتَامِ وَالْفَأْفَاءِ، وَاللاَّحِنِ لَحْنًا غَيْرَ مُغَيِّرٍ لِلْمَعْنَى، لَكِنَّ الأَْعْمَى وَالْبَصِيرَ سِيَّانِ فِي الإِْمَامَةِ، لِتَعَارُضِ فَضِيلَتِهِمَا، لأَِنَّ الأَْعْمَى لاَ يَنْظُرُ مَا يَشْغَلُهُ فَهُوَ أَخْشَعُ، وَالْبَصِيرُ يَنْظُرُ الْخَبَثَ فَهُوَ أَحْفَظُ لِتَجَنُّبِهِ. وَإِمَامَةُ الْحُرِّ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ، وَالسَّمِيعِ أَوْلَى مِنَ الأَْصَمِّ، وَالْفَحْل أَوْلَى مِنَ الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ، وَالْقَرَوِيِّ أَوْلَى مِنَ الْبَدَوِيِّ. (4)
__________
(1) الاختيار 1 / 85، وابن عابدين 1 / 376
(2) حديث: " لعن رسول الله ثلاثة. . . " أخرجه الترمذي (2 / 191 - ط الحلبي) وقال الترمذي: محمد بن القاسم - الذي في إسناده - تكلم فيه أحمد بن حنبل وضعفه وليس بالحافظ، وضعفه العراقي
(3) جواهر الإكليل 1 / 78، 79
(4) نهاية المحتاج2 / 168 - 174
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تُكْرَهُ إِمَامَةُ الأَْعْمَى وَالأَْصَمِّ وَاللَّحَّانِ الَّذِي لاَ يُحِيل الْمَعْنَى، وَمَنْ يُصْرَعُ، وَمَنِ اخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ إِمَامَتِهِ، وَكَذَا إِمَامَةُ الأَْقْلَفِ وَأَقْطَعِ الْيَدَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا، أَوِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا، وَالْفَأْفَاءِ وَالتَّمْتَامِ، وَأَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُهُ لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ أَوْ فَضْلِهِ. وَلاَ بَأْسَ بِإِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا وَاللَّقِيطِ وَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ وَالْخَصِيِّ وَالأَْعْرَابِيِّ، إِذَا سَلِمَ دِينُهُمْ وَصَلُحُوا لَهَا. (1)
هَذَا، وَالْكَرَاهَةُ إِنَّمَا تَكُونُ فِيمَا إِذَا وُجِدَ فِي الْقَوْمِ غَيْرُ هَؤُلاَءِ، وَإِلاَّ فَلاَ كَرَاهَةَ اتِّفَاقًا. (2)

مَا يَفْعَلُهُ الإِْمَامُ قَبْل بِدَايَةِ الصَّلاَةِ:
25 - إِذَا أَرَادَ الإِْمَامُ الصَّلاَةَ يَأْذَنُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُقِيمَهَا، فَإِنَّ بِلاَلاً كَانَ يَسْتَأْذِنُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلإِْقَامَةِ، وَيُسَنُّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَقُومَ لِلصَّلاَةِ حِينَ يُقَال (حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ) أَوْ حِينَ قَوْل الْمُؤَذِّنِ: (قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ) أَوْ مَعَ الإِْقَامَةِ أَوْ بَعْدَهَا بِقَدْرِ الطَّاقَةِ عَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِذَا كَانَ مُسَافِرًا يُخْبِرُ الْمَأْمُومِينَ بِذَلِكَ لِيَكُونُوا عَلَى عِلْمٍ بِحَالِهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِعَدَمِ تَمَامِ الصَّلاَةِ لِيُكْمِلُوا صَلاَتَهُمْ. كَمَا يُسَنُّ أَنْ يَأْمُرَ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فَيَلْتَفِتَ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ قَائِلاً: اعْتَدِلُوا وَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ، لِمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَال: صَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَوْمًا فَقَال: هَل تَدْرِي لِمَ صُنِعَ هَذَا
__________
(1) المغني 2 / 196 - 229، 230، وكشاف القناع 1 / 475 - 484
(2) المراجع السابقة

الصفحة 212