كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)
د - الْكِفَايَةُ وَلَوْ بِغَيْرِهِ، وَالْكِفَايَةُ هِيَ الْجُرْأَةُ وَالشَّجَاعَةُ وَالنَّجْدَةُ، بِحَيْثُ يَكُونُ قَيِّمًا بِأَمْرِ الْحَرْبِ وَالسِّيَاسَةِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالذَّبِّ عَنِ الأُْمَّةِ.
هـ - الْحُرِّيَّةُ: فَلاَ يَصِحُّ عَقْدُ الإِْمَامَةِ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ، لأَِنَّهُ مَشْغُولٌ فِي خِدْمَةِ سَيِّدِهِ.
و سَلاَمَةُ الْحَوَاسِّ وَالأَْعْضَاءِ مِمَّا يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ لِلنُّهُوضِ بِمَهَامِّ الإِْمَامَةِ. وَهَذَا الْقَدْرُ مِنَ الشُّرُوطِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (1)
11 - أَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مِنَ الشُّرُوطِ فَهُوَ:
أ - الْعَدَالَةُ وَالاِجْتِهَادُ. ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْعَدَالَةَ وَالاِجْتِهَادَ شَرْطَا صِحَّةٍ، فَلاَ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْفَاسِقِ أَوِ الْمُقَلِّدِ إِلاَّ عِنْدَ فَقْدِ الْعَدْل وَالْمُجْتَهِدِ. (2)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُمَا شَرْطَا أَوْلَوِيَّةٍ، فَيَصِحُّ تَقْلِيدُ الْفَاسِقِ وَالْعَامِّيِّ، وَلَوْ عِنْدَ وُجُودِ الْعَدْل وَالْمُجْتَهِدِ.
ب - السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَسَلاَمَةُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهَا شُرُوطُ انْعِقَادٍ، فَلاَ تَصِحُّ إِمَامَةُ الأَْعْمَى وَالأَْصَمِّ وَمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ ابْتِدَاءً، وَيَنْعَزِل إِذَا طَرَأَتْ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَخْرُجُ بِهَا عَنْ أَهْلِيَّةِ الإِْمَامَةِ إِذَا طَرَأَتْ عَلَيْهِ.
__________
(1) حاشية الطحطاوي على الدر 1 / 238، وحاشية الدسوقي 4 / 298، وجواهر الإكليل 2 / 221، ومغني المحتاج 4 / 130، وشرح الروض 4 / 108، 109
(2) حاشية ابن عابدين 1 / 38، و 4 / 305، والأحكام السلطانية للماوردي ص 6، وجواهر الإكليل 2 / 221، وشرح الروض 4 / 108، ومغني المحتاج 4 / 130، ومقدمة ابن خلدون ص 151 ط بيروت، والإنصاف 10 / 110
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، فَلاَ يَضُرُّ الإِْمَامَ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ فِي خَلْقِهِ عَيْبٌ جَسَدِيٌّ أَوْ مَرَضٌ مُنَفِّرٌ، كَالْعَمَى وَالصَّمَمِ وَقَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْجَدْعِ وَالْجُذَامِ، إِذْ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ قُرْآنٌ وَلاَ سُنَّةٌ وَلاَ إِجْمَاعٌ (1) .
ج - النَّسَبُ:
وَيُشْتَرَطُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَكُونَ الإِْمَامُ قُرَشِيًّا لِحَدِيثِ: الأَْئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ (2) وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلاَّنِيُّ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْل عُمَرَ: لَوْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ حَيًّا لَوَلَّيْتُهُ، وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هَاشِمِيًّا وَلاَ عَلَوِيًّا بِاتِّفَاقِ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ، لأَِنَّ الثَّلاَثَةَ الأُْوَل مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَلَمْ يَطْعَنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي خِلاَفَتِهِمْ، فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ. (3)
دَوَامُ الإِْمَامَةِ:
12 - يُشْتَرَطُ لِدَوَامِ الإِْمَامَةِ دَوَامُ شُرُوطِهَا، وَتَزُول بِزَوَالِهَا إِلاَّ الْعَدَالَةَ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَثَرِ زَوَالِهَا عَلَى مَنْصِبِ الإِْمَامَةِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
__________
(1) حاشية الطحطاوي 1 / 238، وابن عابدين 1 / 368، و3 / 310، والدسوقي 4 / 198، وشرح الروض 4 / 111، والقليوبي 4 / 4، والفصل في الملل والنحل 4 / 167
(2) حديث: " الأئمة من قريش. . . " أخرجه الطيالسي (ص 125 ط دائرة المعارف النظامية) وأصله في صحيح البخاري (الفتح 13 / 114 ط السلفية) بلفظ: " إن هذا الأمر في قريش "
(3) ابن عابدين 1 / 368، ومغني المحتاج 4 / 0 13، وروضة الطالبين 6 / 312، 10 / 48، ومطالب أولي النهى 6 / 265، وحاشية الدسوقي 4 / 298
الصفحة 219