كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

وَكَذَا يَجُوزُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ بِالصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ، وَتَجُوزُ الصُّبْحُ خَلْفَ الظُّهْرِ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَهُ حِينَئِذٍ الْخُرُوجُ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ أَوِ الاِنْتِظَارِ لِيُسَلِّمَ مَعَ الإِْمَامِ وَهُوَ الأَْفْضَل. (1) لَكِنَّ الأَْوْلَى فِيهَا الاِنْفِرَادُ.
فَإِنِ اخْتَلَفَ فِعْلُهُمَا كَمَكْتُوبَةٍ وَكُسُوفٍ أَوْ جَنَازَةٍ، لَمْ يَصِحَّ الاِقْتِدَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ، لِمُخَالَفَتِهِ النَّظْمَ، وَتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ مَعَهَا. (2)
أَمَّا اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّل خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ فَجَائِزٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ. (3)

هـ - عَدَمُ الْفَصْل بَيْنَ الْمُقْتَدِي وَالإِْمَامِ:
14 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ أَلاَّ يَكُونَ بَيْنَ الْمُقْتَدِي وَالإِْمَامِ فَاصِلٌ كَبِيرٌ.
وَهَذَا الشَّرْطُ مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ وَالتَّفَاصِيل عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

بُعْدُ الْمَسَافَةِ:
15 - فَرَّقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ الْمَسْجِدِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسَافَةِ بَيْنَ الإِْمَامِ وَالْمُقْتَدِي، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ يَرَى الإِْمَامَ أَوْ مَنْ وَرَاءَهُ، أَوْ يَسْمَعُ التَّكْبِيرَ وَهُمَا فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ صَحَّ الاِقْتِدَاءُ، وَإِنْ بَعُدَتِ
__________
(1) مغني المحتاج 1 / 253، 254، ونهاية المحتاج 2 / 205 - 207، 211.
(2) المراجع السابقة.
(3) ابن عابدين 1 / 370، والدسوقي 1 / 339، وكشاف القناع 1 / 484، ومغني المحتاج 1 / 253.
الْمَسَافَةُ (1) . أَمَّا فِي خَارِجِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا كَانَتِ الْمَسَافَةُ قَدْرَ مَا يَسَعُ صَفَّيْنِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، إِلاَّ فِي صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ، وَفِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ خِلاَفٌ عِنْدَهُمْ. (2) وَلاَ يَمْنَعُ الاِقْتِدَاءَ بُعْدُ الْمَسَافَةِ فِي خَارِجِ الْمَسْجِدِ إِذَا لَمْ يَزِدْ عَنْ ثَلاَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (3) وَاشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ فِي صِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ رُؤْيَةَ الْمَأْمُومِ لِلإِْمَامِ أَوْ بَعْضِ مَنْ وَرَاءَهُ. فَلاَ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ إِنْ لَمْ يَرَ الْمَأْمُومُ أَحَدَهُمَا، وَإِنْ سَمِعَ التَّكْبِيرَ، وَمَهْمَا كَانَتِ الْمَسَافَةُ. (4)
وَلَمْ يُفَرِّقِ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَلاَ بَيْنَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَبُعْدِهَا، فَقَالُوا بِصِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ إِذَا أَمْكَنَ رُؤْيَةُ الإِْمَامِ أَوِ الْمَأْمُومِ أَوْ سَمَاعُ الإِْمَامِ وَلَوْ بِمُسَمِّعٍ. (5)
وُجُودُ الْحَائِل، وَلَهُ عِدَّةُ صُوَرٍ:
16 - الأُْولَى: إِنْ كَانَ بَيْنَ الْمُقْتَدِي وَالإِْمَامِ نَهْرٌ كَبِيرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ (وَلَوْ زَوْرَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) لاَ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ النَّهْرِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ. فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: النَّهْرُ الصَّغِيرُ هُوَ مَا لاَ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: هُوَ مَا لاَ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الإِْمَامِ، أَوْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ، أَوْ رُؤْيَةِ فِعْل أَحَدِهِمَا. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: هُوَ النَّهْرُ الَّذِي يُمْكِنُ الْعُبُورُ مِنْ أَحَدِ
__________
(1) الفتاوى الهندية 1 / 88، ومغني المحتاج 1 / 248، وكشاف القناع 1 / 491.
(2) الفتاوى الهندية 1 / 87.
(3) مغني المحتاج 1 / 249.
(4) كشاف القناع 1 / 491.
(5) الدسوقي 1 / 337. والمراد بالمسمع: من يبلغ عن الإمام الحاضر، فليس منه الائتمام بمجرد سماع صوت الإمام المنقول بالمذياع لعدم تحقق الاجتماع.

الصفحة 23