كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. (1)
زَادَ الْحَنَفِيَّةُ: وَكَذَا عِلْمُهُ بِحَال إِمَامِهِ مِنْ إِقَامَةٍ أَوْ سَفَرٍ قَبْل الْفَرَاغِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهَذَا فِيمَا لَوْ صَلَّى الرُّبَاعِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ فِي مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ. (2)
هَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ لاَ يُجَوِّزُونَ الاِقْتِدَاءَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِالسَّمَاعِ وَحْدَهُ. بَل يَشْتَرِطُونَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ رُؤْيَةَ الْمَأْمُومِ لِلإِْمَامِ أَوْ بَعْضِ الْمُقْتَدِينَ بِهِ، لِقَوْل عَائِشَةَ لِنِسَاءٍ كُنَّ يُصَلِّينَ فِي حُجْرَتِهَا: لاَ تُصَلِّينَ بِصَلاَةِ الإِْمَامِ فَإِنَّكُنَّ دُونَهُ فِي حِجَابٍ وَلأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ الْمُتَابَعَةُ فِي الْغَالِبِ.
وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى فَالْحَنَابِلَةُ يَكْتَفُونَ بِالْعِلْمِ بِانْتِقَالاَتِ الإِْمَامِ بِالسَّمَاعِ أَوْ بِالرُّؤْيَةِ. (3)

ط - صِحَّةُ صَلاَةِ الإِْمَامِ:
25 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ صِحَّةُ صَلاَةِ الإِْمَامِ، فَلَوْ تَبَيَّنَ فَسَادُهَا لاَ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ تَبَيَّنَ فَسَادُ صَلاَةِ الإِْمَامِ، فِسْقًا مِنْهُ، أَوْ نِسْيَانًا لِمُضِيِّ مُدَّةِ الْمَسْحِ، أَوْ لِوُجُودِ الْحَدَثِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، لَمْ تَصِحَّ صَلاَةُ الْمُقْتَدِي لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبِنَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فِي زَعْمِ الإِْمَامِ فَاسِدَةً فِي زَعْمِ الْمُقْتَدِي لِبِنَائِهِ عَلَى الْفَاسِدِ فِي زَعْمِهِ. (4)
وَالْمُرَادُ بِالْفِسْقِ هُنَا: الْفِسْقُ الَّذِي يُخِل بِرَكْنٍ أَوْ شَرْطٍ فِي الصَّلاَةِ، كَأَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ سَكْرَانُ، أَوْ هُوَ
__________
(1) ابن عابدين 1 / 370، والدسوقي 1 / 331، والحطاب 2 / 106، ومغني المحتاج 1 / 248، ونهاية المحتاج 2 / 191، وكشاف القناع 1 / 491.
(2) ابن عابدين 1 / 370.
(3) كشاف القناع 1 / 492.
(4) ابن عابدين 1 / 370.
مُحْدِثٌ مُتَعَمِّدًا.
أَمَّا الْفِسْقُ فِي الْعَقِيدَةِ، أَوْ بِارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَهِيَ مَسْأَلَةٌ خِلاَفِيَّةٌ، وَقَدْ شَدَّدَ فِيهَا الإِْمَامُ أَحْمَدُ، وَقَال: إِنَّهُ إِذَا كَانَ دَاعِيًا إِلَى بِدْعَتِهِ، وَعَلِمَ بِذَلِكَ الْمُقْتَدِي، فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلاَةِ، حَتَّى لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الصَّلاَةِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمُعْتَمَدَةُ فِي الْمَذْهَبِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ لاَ يَدْعُو إِلَى بِدْعَتِهِ، وَهُوَ مَسْتُورُ الْحَال، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ إِعَادَةَ عَلَى مَنِ اقْتَدَى بِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: عَلَيْهِ الإِْعَادَةُ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصَّلاَةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ مَكْرُوهَةٌ، وَلاَ إِعَادَةَ فِيهَا. لِحَدِيثِ: صَلُّوا خَلْفَ مَنْ قَال لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَلأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ. وَأَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَانَا يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ وَوَرَاءَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ. (1)
وَمِثْلُهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ حَيْثُ قَالُوا: لاَ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ بِإِمَامٍ تَبَيَّنَ فِي الصَّلاَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَنَّهُ كَافِرٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ مَجْنُونٌ، أَوْ فَاسِقٌ (عَلَى خِلاَفٍ فِيهِ) أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ، إِنْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ أَوْ عَلِمَ الْمُؤْتَمُّ بِحَدَثِهِ فِي الصَّلاَةِ أَوْ قَبْلَهَا، أَوِ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ وَلَوْ نَاسِيًا. (2)
وَكَذَا قَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلاَنَ صَلاَتِهِ، كَمَنْ عَلِمَ بِكُفْرِهِ أَوْ حَدَثِهِ أَوْ نَجَاسَةِ ثَوْبِهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي صَلاَةٍ فَكَيْفَ يَقْتَدِي بِهِ، وَكَذَا
__________
(1) شرح الدردير 1 / 326 و327 والمغني 2 / 185 - 188. وحديث: " صلوا خلف من قال لا إله إلا الله. . . " أخرجه الدارقطني (1 / 56 ط دار المحاسن) وضعفه ابن حجر في التلخيص (2 / 35 ط دار المحاسن) والأثر عن ابن عمر أنه كان يصلي خلف الحجاج. أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 378 ط الدار السلفية) .
(2) جواهر الإكليل 1 / 78، والدسوقي 1 / 326، 327.

الصفحة 27