كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلاَ تَبْطُل فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ.
وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ أَوْ رُكْنَيْنِ لِعُذْرٍ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَفْعَل مَا سَبَقَهُ بِهِ إِمَامُهُ وَيُدْرِكُهُ إِنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِلاَّ تَبْطُل هَذِهِ الرَّكْعَةُ فَيَتَدَارَكُهَا بَعْدَ سَلاَمِ الإِْمَامِ. (1) وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ، وَفِي بَعْضِ الْفُرُوعِ خِلاَفٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (لاَحِق) .

كَيْفِيَّةُ الاِقْتِدَاءِ
أَوَّلاً - فِي أَفْعَال الصَّلاَةِ:
29 - الاِقْتِدَاءُ فِي الصَّلاَةِ هُوَ مُتَابَعَةُ الإِْمَامِ، وَالْمُتَابَعَةُ وَاجِبَةٌ فِي الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرِ وَاجِبٍ، مَا لَمْ يُعَارِضْهَا وَاجِبٌ آخَرُ، فَإِنْ عَارَضَهَا وَاجِبٌ آخَرُ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَفُوتَهُ، بَل يَأْتِي بِهِ ثُمَّ يُتَابِعُهُ، لأَِنَّ الإِْتْيَانَ بِهِ لاَ يُفَوِّتُ الْمُتَابَعَةَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا يُؤَخِّرُهَا، وَتَأْخِيرُ أَحَدِ الْوَاجِبَيْنِ مَعَ الإِْتْيَانِ بِهِمَا أَوْلَى مِنْ تَرْكِ أَحَدِهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا كَانَ مَا يُعَارِضُ الْمُتَابَعَةَ سُنَّةٌ، فَإِنَّهُ يَتْرُكُ السُّنَّةَ وَيُتَابِعُ الإِْمَامَ بِلاَ تَأْخِيرٍ، لأَِنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِ الْوَاجِبِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ رَفَعَ الإِْمَامُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ قَبْل أَنْ يُتِمَّ الْمَأْمُومُ التَّسْبِيحَاتِ الثَّلاَثَ وَجَبَ مُتَابَعَتُهُ، وَكَذَا عَكْسُهُ. بِخِلاَفِ سَلاَمِ الإِْمَامِ أَوْ قِيَامِهِ لِثَالِثَةٍ قَبْل إِتْمَامِ الْمَأْمُومِ التَّشَهُّدَ، فَإِنَّهُ لاَ يُتَابِعُهُ، بَل يُتِمُّ التَّشَهُّدَ لِوُجُوبِهِ. (2)
__________
(1) جواهر الإكليل 1 / 69، 70، ومغني المحتاج 1 / 256، وكشاف القناع 1 / 466، 467، والمغني لابن قدامة 1 / 527.
(2) ابن عابدين 1 / 333.
هَذَا، وَمُقْتَضَى الاِقْتِدَاءِ وَالْمُتَابَعَةِ أَلاَّ يَحْصُل فِعْلٌ مِنْ أَفْعَال الْمُقْتَدِي قَبْل فِعْل الإِْمَامِ، وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الأَْفْعَال الَّتِي يُسَبِّبُ فِيهَا سَبْقُ الْمَأْمُومِ فِعْل إِمَامِهِ أَوْ مُقَارَنَتُهُ لَهُ بُطْلاَنَ الاِقْتِدَاءِ، وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنَ الأَْفْعَال، فَقَالُوا: إِنْ تَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ إِمَامَهُ فِي تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ لَمْ يَصِحَّ الاِقْتِدَاءُ أَصْلاً، لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبِنَاءِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ. (1)
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ) عَلَى أَنَّ مُقَارَنَةَ الْمَأْمُومِ لِلإِْمَامِ فِي تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ تَضُرُّ بِالاِقْتِدَاءِ وَتُبْطِل صَلاَةَ الْمُقْتَدِي، عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا، لِحَدِيثِ: إِنَّمَا جُعِل الإِْمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا (2)
لَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا: إِنْ سَبَقَهُ الإِْمَامُ وَلَوْ بِحَرْفٍ صَحَّتْ، إِنْ خَتَمَ الْمُقْتَدِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ، لاَ قَبْلَهُ. (3)
وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ - وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلاَمِ الْحَنَابِلَةِ - تَأَخُّرَ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْمُقْتَدِي عَنْ تَكْبِيرَةِ الإِْمَامِ. (4)
وَلاَ تَضُرُّ مُقَارَنَةُ تَكْبِيرَةِ الْمُقْتَدِي لِتَكْبِيرِ الإِْمَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، حَتَّى نُقِل عَنْهُ الْقَوْل بِأَنَّ الْمُقَارَنَةَ هِيَ السُّنَّةُ، قَال فِي الْبَدَائِعِ: وَمِنْهَا (أَيْ مِنْ سُنَنِ الْجَمَاعَةِ) أَنْ يُكَبِّرَ الْمُقْتَدِي مُقَارِنًا لِتَكْبِيرِ الإِْمَامِ فَهُوَ أَفْضَل بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. . لأَِنَّ
__________
(1) البدائع 1 / 200، ومغني المحتاج 1 / 258، والدسوقي 1 / 340، 341، وكشاف القناع 1 / 465، 466.
(2) الحديث: تقدم تخريجه ف / 10.
(3) الدسوقي 1 / 340، 341.
(4) مغني المحتاج 1 / 255 - 257، وكشاف القناع1 / 465.

الصفحة 30