كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

ب - الاِنْسِحَابُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
5 - الأَْصْل فِي الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ ذَاتِ الأَْفْعَال الْمُتَعَدِّدَةِ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالنِّيَّةِ فِي أَوَّلِهَا، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِهَا فِي كُل فِعْلٍ، اكْتِفَاءً بِانْسِحَابِهَا عَلَيْهَا. (1)
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، قَال فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعِبَادَةَ ذَاتَ الأَْفْعَال تَنْسَحِبُ نِيَّتُهَا عَلَى كُلِّهَا.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَاحْتَرَزَ بِذَاتِ الأَْفْعَال عَمَّا هِيَ فِعْلٌ وَاحِدٌ كَالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لاَ خِلاَفَ فِي الاِكْتِفَاءِ بِالنِّيَّةِ فِي أَوَّلِهِ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، فَإِنَّهُ ذُو أَفْعَالٍ مِنْهَا طَوَافُ الإِْفَاضَةِ لاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ أَصْل نِيَّةِ الطَّوَافِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ عَنِ الْفَرْضِ، حَتَّى لَوْ طَافَ نَفْلاً فِي أَيَّامِهِ وَقَعَ عَنْهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الطَّوَافَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي ذَاتِهِ كَمَا هُوَ رُكْنٌ لِلْحَجِّ، فَبِاعْتِبَارِ رُكْنِيَّتِهِ يَنْدَرِجُ فِي نِيَّةِ الْحَجِّ،
__________
(1) ابن عابدين 1 / 294 ط الأولى، والأشباه لابن نجيم ص45 ط الهلال
فَلاَ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ، وَبِاعْتِبَارِ اسْتِقْلاَلِهِ اشْتُرِطَ فِيهِ أَصْل نِيَّةِ الطَّوَافِ، حَتَّى لَوْ طَافَ هَارِبًا أَوْ طَالِبًا لِغَرِيمٍ لاَ يَصِحُّ، بِخِلاَفِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ إِلاَّ فِي ضِمْنِ الْحَجِّ، فَيَدْخُل فِي نِيَّتِهِ، وَعَلَى هَذَا الرَّمْيُ وَالْحَلْقُ وَالسَّعْيُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ طَوَافَ الإِْفَاضَةِ يَقَعُ بَعْدَ التَّحَلُّل بِالْحَلْقِ، حَتَّى إِنَّهُ يَحِل لَهُ سِوَى النِّسَاءِ، وَبِذَلِكَ يَخْرُجُ مِنَ الْحَجِّ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ الشَّبَهَانِ. (1)
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
6 - ذَكَرَ الأُْصُولِيُّونَ الاِنْسِحَابَ فِي الْكَلاَمِ عَلَى الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ مِنْ مَبَاحِثِ الأَْحْكَامِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِي كَلاَمِهِمْ عَلَى النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ، وَكُتُبِ الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ.
__________
(1) ابن عابدين 1 / 274، وانظر أيضا الأشباه والنظائر للسيوطي ص 27

الصفحة 335