كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)
ج - تَغْيِيرُ وَصْفِ الْمُقَرِّ بِهِ:
45 - إِنْ كَانَ التَّغْيِيرُ مُتَّصِلاً بِاللَّفْظِ كَأَنْ يَقُول: لِفُلاَنٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةٌ - كَانَ إِقْرَارًا بِالْوَدِيعَةِ، أَمَّا إِنْ كَانَ مُنْفَصِلاً، بِأَنْ سَكَتَ ثُمَّ قَال: هِيَ وَدِيعَةٌ فَلاَ يَصِحُّ، وَيَكُونُ إِقْرَارًا بِالدَّيْنِ، لأَِنَّ الْبَيَانَ هُنَا لاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِشَرْطِ الْوَصْل، وَلَوْ قَال: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةٌ قَرْضًا أَوْ دَيْنًا، فَهُوَ إِقْرَارٌ بِالدَّيْنِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً فِي الاِبْتِدَاءِ ثُمَّ يَصِيرَ مَضْمُونًا فِي الاِنْتِهَاءِ، إِذِ الضَّمَانُ قَدْ يَطْرَأُ عَلَى الأَْمَانَةِ مُتَّصِلاً كَانَ أَوْ مُنْفَصِلاً، لأَِنَّ الإِْنْسَانَ فِي الإِْقْرَارِ بِالضَّمَانِ غَيْرُ مُتَّهَمٍ. (1) .
د - الاِسْتِثْنَاءُ فِي الإِْقْرَارِ:
46 - إِنْ كَانَ الاِسْتِثْنَاءُ مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَمُتَّصِلاً بِهِ، فَإِنْ كَانَ اسْتِثْنَاءَ الأَْقَل فَلاَ خِلاَفَ فِي جَوَازِهِ، كَأَنْ يَقُول: عَلَيَّ لِفُلاَنٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إِلاَّ ثَلاَثَةً فَيَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ. أَمَّا إِنْ كَانَ اسْتِثْنَاءَ الأَْكْثَرِ بِأَنْ قَال: عَلَيَّ لِفُلاَنٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إِلاَّ تِسْعَةً فَجَائِزٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَيَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ، لأَِنَّ الاِسْتِثْنَاءَ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا، وَهَذَا الْمَعْنَى كَمَا يُوجَدُ فِي اسْتِثْنَاءِ الأَْقَل يُوجَدُ فِي اسْتِثْنَاءِ الأَْكْثَرِ مِنَ الْقَلِيل، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحْسَنٍ عِنْدَ أَهْل اللُّغَةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الْعَشَرَةُ. (2)
وَإِنْ كَانَ اسْتِثْنَاءَ الْكُل مِنَ الْكُل بِأَنْ يَقُول:
__________
(1) البدائع 7 / 209، ونهاية المحتاج 5 / 76، والإنصاف 12 / 185، وكشاف القناع 6 / 467.
(2) البدائع 7 / 209، 210.
لِفُلاَنٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ إِلاَّ عَشَرَةً فَبَاطِلٌ، وَعَلَيْهِ الْعَشَرَةُ كَامِلَةً، لأَِنَّهُ لَيْسَ اسْتِثْنَاءً، وَإِنَّمَا هُوَ إِبْطَالٌ وَرُجُوعٌ، وَالرُّجُوعُ عَنِ الإِْقْرَارِ فِي حَقِّ الْعِبَادِ لاَ يَصِحُّ. (1) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَصِحُّ الاِسْتِثْنَاءُ وَهُوَ إِخْرَاجُ مَا لَوْلاَهُ لَدَخَل، بِنَحْوِ " إِلاَّ "، وَذَلِكَ إِنِ اتَّصَل إِجْمَاعًا، وَالسُّكُوتُ الْيَسِيرُ غَيْرُ مُضِرٍّ، وَيَضُرُّ كَلاَمٌ أَجْنَبِيٌّ يَسِيرٌ أَوْ سُكُوتٌ طَوِيلٌ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَهُ قَبْل فَرَاغِ الإِْقْرَارِ، وَلِكَوْنِهِ رَفْعًا لِبَعْضِ مَا شَمَلَهُ اللَّفْظُ احْتَاجَ إِلَى نِيَّةٍ وَلَوْ كَانَ إِخْبَارًا، وَلَمْ يَسْتَغْرِقِ الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَإِنِ اسْتَغْرَقَهُ كَخَمْسَةٍ إِلاَّ خَمْسَةً كَانَ بَاطِلاً بِالإِْجْمَاعِ إِلاَّ مَنْ شَذَّ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُنَاقَضَةِ الصَّرِيحَةِ. (2)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوْ قَال: عَلَيَّ أَلْفٌ إِلاَّ سِتَّمِائَةٍ لَزِمَهُ الأَْلْفُ لأَِنَّهُ اسْتَثْنَى الأَْكْثَرَ، وَلَمْ يَرِدْ ذَلِكَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ. (3)
هـ - الاِسْتِثْنَاءُ مِنْ خِلاَفِ الْجِنْسِ:
47 - إِنْ كَانَ الاِسْتِثْنَاءُ مِنْ خِلاَفِ الْجِنْسِ - مَا لاَ يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ - فَلاَ يَصِحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ مَا أَقَرَّ بِهِ، فَإِنْ قَال: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إِلاَّ ثَوْبًا بَطَل الاِسْتِثْنَاءُ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ. (4)
وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ قَال: لِفُلاَنٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إِلاَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ إِلاَّ قَفِيزَ حِنْطَةٍ، صَحَّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَيُطْرَحُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ قَدْرُ قِيمَةِ الْمُسْتَثْنَى، لأَِنَّهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْمُجَانَسَةِ فِي
__________
(1) البدائع 7 / 210.
(2) نهاية المحتاج 5 / 104.
(3) كشاف القناع 6 / 468 - 470.
(4) البدائع 7 / 210.
الصفحة 66