كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 6)

النَّوْعُ الثَّانِي: إِقْطَاعُ التَّمْلِيكِ:
11 - هُوَ تَمْلِيكٌ مِنَ الإِْمَامِ مُجَرَّدٌ عَنْ شَائِبَةِ الْعِوَضِيَّةِ بِإِحْيَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ. (1)
أَقْسَامُهُ وَحُكْمُ تِلْكَ الأَْقْسَامِ:
12 - يَنْقَسِمُ إِقْطَاعُ التَّمْلِيكِ فِي الأَْرْضِ الْمُقْطَعَةِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
مَوَاتٍ، وَعَامِرٍ، وَمَعَادِنَ.
إِقْطَاعُ الْمَوَاتِ:
إِقْطَاعُ الْمَوَاتِ ضَرْبَانِ:
13 - الضَّرْبُ الأَْوَّل: مَا لَمْ يَزَل مَوَاتًا مِنْ قَدِيمِ الدَّهْرِ، فَلَمْ تَجْرِ فِيهِ عِمَارَةٌ وَلاَ يَثْبُتُ عَلَيْهِ مِلْكٌ، فَهَذَا يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يُقْطِعَهُ مَنْ يُحْيِيهِ وَمَنْ يُعَمِّرُهُ، وَقَدْ أَقْطَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَكْضَ فَرَسِهِ مِنْ مَوَاتِ النَّقِيعِ، فَأَجْرَاهُ، ثُمَّ رَمَى بِسَوْطِهِ رَغْبَةً فِي الزِّيَادَةِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْطُوهُ مُنْتَهَى سَوْطِهِ. (2)
وَيَمْتَنِعُ بِهِ إِقْدَامُ غَيْرِ الْمُقْطَعِ عَلَى إِحْيَائِهِ، لأَِنَّهُ مَلَكَ رَقَبَتَهُ بِالإِْقْطَاعِ نَفْسِهِ، خِلاَفًا لِلْحَنَابِلَةِ، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ إِقْطَاعَ الْمَوَاتِ مُطْلَقًا لاَ يُفِيدُ تَمْلِيكًا، لَكِنَّهُ يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَحْيَاهُ مَلَكَهُ بِالإِْحْيَاءِ لاَ بِالإِْقْطَاعِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الإِْقْطَاعُ مُطْلَقًا، أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ، فَإِنَّهُ يُحْمَل عَلَى إِقْطَاعِ الإِْرْفَاقِ، لأَِنَّهُ الْمُحَقَّقُ. (3)
__________
(1) الدسوقي 4 / 68، والخراج ص 66، والأحكام السلطانية للماوردي ص 190.
(2) حديث: " أعطوه منتهى سوطه ". سبق تخريجه (ف / 6) .
(3) الأحكام السلطانية للماوردي ص 190، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 212، وابن عابدين 3 / 265، والخراج ص 65 ط السلفية القاهرة، وحاشية الدسوقي 4 / 68، والمغني 5 / 579، وحاشية قليوبي 3 / 79، وشرح العناية 9 / 4، ومنتهى الإيرادات 1 / 544، 545، والرهوني 7 / 105، والهندية 5 / 386، ونهاية المحتاج 5 / 328 ط البابي الحلبي.
14 - الضَّرْبُ الثَّانِي مِنَ الْمَوَاتِ: مَا كَانَ عَامِرًا فَخَرِبَ، فَصَارَ مَوَاتًا عَاطِلاً، وَذَلِكَ نَوْعَانِ:
(أَحَدُهُمَا) مَا كَانَ عَادِيًّا (أَيْ قَدِيمًا، جَاهِلِيًّا) فَهُوَ كَالْمَوَاتِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ عِمَارَةٌ وَيَجُوزُ إِقْطَاعُهُ. قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادِيُّ الأَْرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ مِنِّي (1)
(ثَانِيهِمَا) مَا كَانَ إِسْلاَمِيًّا جَرَى عَلَيْهِ مِلْكُ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ خَرِبَ حَتَّى صَارَ مَوَاتًا عَاطِلاً، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ وَلاَ وَرَثَةُ مَالِكٍ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى رَأْيِ الإِْمَامِ مُطْلَقًا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُمْلَكُ بِالإِْحْيَاءِ مُطْلَقًا، إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ غَيْرَ مُقْطَعَةٍ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ مُقْطَعَةً فَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا لاَ تُمْلَكُ بِالإِْحْيَاءِ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَرْبَابُهُ مُلِكَ بِالإِْحْيَاءِ، بِشَرْطِ إِقْطَاعِ الإِْمَامِ لَهُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ. (2)

إِقْطَاعُ الْعَامِرِ
إِقْطَاعُ الْعَامِرِ ضَرْبَانِ:
15 - الضَّرْبُ الأَْوَّل: مَا تَعَيَّنَ مَالِكُهُ فَلاَ نَظَرَ
__________
(1) حديث: " عادي الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني " أخرجه الشافعي في مسنده (2 / 133 - ط مكتب نشر الثقافة الإسلامية) وأعله ابن حجر بالإرسال (التلخيص (3 / 62 ط دار المحاسن) .
(2) الفتاوى الهندية 5 / 386، والرهوني 5 / 105 والأحكام السلطانية للماوردي ص 190، 191، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 213.

الصفحة 83