كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

الصُّبْحِ وَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلاَّ بَعْدَ الإِْسْفَارِ، جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِلاَ كَرَاهَةٍ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا اسْتَيْقَظَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَخَّرَ صَلاَةَ الصُّبْحِ إِلَى مَا بَعْدَ الإِْسْفَارِ بِدُونِ عُذْرٍ، كَانَتْ صَلاَتُهُ مَكْرُوهَةً. (1)
7 - مِمَّا تَقَدَّمَ يُعْرَفُ أَنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الصُّبْحِ طُلُوعُ الشَّمْسِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ لِلصَّلاَةِ أَوَّلاً وَآخِرًا، وَإِنَّ أَوَّل وَقْتِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَآخِرَهُ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ (2)

مَبْدَأُ وَقْتِ الظُّهْرِ وَنِهَايَتُهُ:
8 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْ زَوَال الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ تُجَاهَ الْغَرْبِ، وَلاَ يَصِحُّ أَدَاؤُهَا قَبْل الزَّوَال. (3)
وَيُعْرَفُ الزَّوَال بِأَنْ تَغْرِزَ خَشَبَةً مُسْتَوِيَةً فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ، وَالشَّمْسُ لاَ زَالَتْ فِي الْمَشْرِقِ، فَمَا دَامَ ظِل الْخَشَبَةِ يُنْتَقَصُ فَالشَّمْسُ قَبْل الزَّوَال، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْخَشَبَةِ ظِلٌّ، أَوْ تَمَّ نَقَصَ الظِّل، بِأَنْ كَانَ الظِّل أَقَل مَا يَكُونُ، فَالشَّمْسُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي تُحْظَرُ فِيهِ الصَّلاَةُ، فَإِذَا انْتَقَل الظِّل مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ، وَبَدَأَ فِي الزِّيَادَةِ، فَقَدْ زَالَتِ
__________
(1) نهاية المحتاج 1 / 353 وما بعدها.
(2) حديث: " إن للصلاة أولا وآخرا. . . " أخرجه الترمذي مطولا وقال عبد القادر الأرناؤوط محقق جامع الأصول: هو حديث حسن (سنن الترمذي 1 / 238، 284 ط الحلبي، وجامع الأصول 5 / 214، 215.) ".
(3) بداية المجتهد 1 / 48.
الشَّمْسُ مِنْ وَسَطِ السَّمَاءِ وَدَخَل وَقْتُ الظُّهْرِ.
وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ أَوَّل وَقْتِ الظُّهْرِ الزَّوَال، حَدِيثُ إِمَامَةِ جِبْرِيل الْمُتَقَدِّمُ.
وَأَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِ الظُّهْرِ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَمَعَهُمْ الصَّاحِبَانِ، إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ بُلُوغُ ظِل الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى فَيْءِ الزَّوَال، لِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل الْمُتَقَدِّمِ وَفِيهِ: أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ (1) .
وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: حِينَ يَبْلُغُ ظِل الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ سِوَى فَيْءِ الزَّوَال: وَالْمُرَادُ بِفَيْءِ الزَّوَال: الظِّل الْحَاصِل لِلأَْشْيَاءِ حِينَ تَزُول الشَّمْسُ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ، وَسُمِّيَ فَيْئًا؛ لأَِنَّ الظِّل رَجَعَ إِلَى الْمَشْرِقِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي الْمَغْرِبِ، وَيَخْتَلِفُ ظِل الزَّوَال طُولاً وَقِصَرًا وَانْعِدَامًا بِاخْتِلاَفِ الأَْزْمِنَةِ وَالأَْمْكِنَةِ. وَكُلَّمَا بَعُدَ الْمَكَانُ مِنْ خَطِّ الاِسْتِوَاءِ كُلَّمَا كَانَ فَيْءُ الزَّوَال أَطْوَل، وَهُوَ فِي الشِّتَاءِ أَطْوَل مِنْهُ فِي الصَّيْفِ. (2)
وَاسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ بُلُوغُ ظِل الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ سِوَى فَيْءِ الزَّوَال، بِمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُْمَمِ كَانَ بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أُوتِيَ أَهْل التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا. ثُمَّ أُوتِيَ أَهْل الإِْنْجِيل الإِْنْجِيل فَعَمِلُوا إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ،
__________
(1) راجع المراجع المذكورة لجميع الفقهاء في أوقات الصلاة. والمغني (1 / 374، 375) ط الرياض.
(2) ابن عابدين 1 / 240، وبلغة السالك 1 / 83، ونهاية المحتاج 1 / 353، والمغني 1 / 395.

الصفحة 172