كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

وَقْتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَدَفْعًا لِهَذَا التَّعَارُضِ قَالُوا: إِنَّهُ صَلَّى بِهِ الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، أَيْ بَعْدَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِثْل. (1)
وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ بِظَاهِرِ حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل، وَفِيهِ: أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى بِهِ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، الأَْمْرُ الَّذِي يَدُل عَلَى تَدَاخُل الْوَقْتَيْنِ.
10 - أَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَا لَمْ تَغِبِ الشَّمْسُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْل أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ (2) وَيُضِيفُ الْحَنَابِلَةُ: أَنَّ وَقْتَ الاِخْتِيَارِ يَنْتَهِي بِمَبْدَأِ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَفِي رِوَايَةٍ: حِينَ يَصِيرُ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ؛ لِحَدِيثِ: إِذَا صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ (3) ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَصْرَ لَهُ سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ، فَضِيلَةٌ: أَوَّلُهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ: إِلَى الْمِثْلَيْنِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ - لِمَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ - فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ، وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ تَطْهُرَانِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَالْمَرِيضُ يَبْرَأُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَيْضًا، وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلاَ كَرَاهَةٍ وَهُوَ بَعْدَ الْمِثْلَيْنِ، وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ
__________
(1) بدائع الصنائع 1 / 22.
(2) حديث: " من أدرك. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 56 ط السلفية) .
(3) حديث: " إذا صليتم العصر. . . " أخرجه مسلم مرفوعا من حديث عبد الله بن عمرو (صحيح مسلم 1 / 426 ط عيسى الحلبي) وبداية المجتهد 1 / 49.
حُرْمَةٍ، وَهُوَ مَا قَبْل آخِرِ الْوَقْتِ بِوَقْتٍ لاَ يَسَعُ جَمِيعَهَا. (1)

مَبْدَأُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَنِهَايَتُهُ:
11 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَبْدَأَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ، لِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل الْمُتَقَدِّمِ، وَفِيهِ: أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فِي الْيَوْمَيْنِ جَمِيعِهِمَا.
أَمَّا آخِرُ وَقْتِهَا فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ (2) .
وَالْقَوْل الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لاَ امْتِدَادَ لَهُ، بَل يُقَدَّرُ بِقَدْرِ ثَلاَثِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ تَحْصِيل شُرُوطِهَا مِنْ مَكَارِهِ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَسِتْرِ عَوْرَةٍ. (3) وَلِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل الْمُتَقَدِّمِ، وَفِيهِ: أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمَيْنِ جَمِيعًا.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ: يَنْقَضِي وَقْتُهَا بِمُضِيِّ قَدْرِ وُضُوءٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَخَمْسِ رَكَعَاتٍ، وَهِيَ ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ الْمَغْرِبُ وَرَكْعَتَانِ سُنَّةٌ بَعْدَهَا. (4)

مَبْدَأُ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَنِهَايَتُهُ:
12 - يَبْدَأُ وَقْتُ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، إِلاَّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا
__________
(1) نهاية المحتاج 1 / 353.
(2) حديث: " وقت صلاة المغرب. . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم 1 / 427 ط عيسى الحلبي) .
(3) بداية المجتهد 1 / 51 - 52.
(4) البدائع 1 / 123، وجواهر الإكليل 1 / 33، ونهاية المحتاج 1 / 353، 354، وحاشية القليوبي على المنهاج 1 / 114 ط عيسى الحلبي، والمغني 1 / 374، 375.

الصفحة 174