كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا الاِخْتِيَارِيِّ ثُلُثُ اللَّيْل، وَبَعْدَهُ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقْتُ ضَرُورَةٍ، بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا شُفِيَ مِنْ مَرَضِهِ، أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ طَهُرَتَا. (1)
انْقِسَامُ الْوَقْتِ إِلَى مُوَسَّعٍ وَمُضَيَّقٍ وَبَيَانُ وَقْتِ الْوُجُوبِ وَوُجُوبِ الأَْدَاءِ
14 - الْوَقْتُ الْمُوَسَّعُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِكُلٍّ مِنَ الْفَرَائِضِ هُوَ: مِنْ أَوَّل الْوَقْتِ إِلَى أَلاَّ يَبْقَى مِنَ الْوَقْتِ أَكْثَرُ مِمَّا يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الإِْحْرَامِ لِلصَّلاَةِ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ إِلاَّ مَا يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الإِْحْرَامِ لِلصَّلاَةِ فَهُوَ وَقْتٌ مُضَيَّقٌ، يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ. وَعِنْدَ زُفَرَ: يَتَضَيَّقُ الْوَقْتُ إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَا يَتَّسِعُ لِرَكَعَاتِ الصَّلاَةِ.
أَمَّا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَهُوَ مِنْ أَوَّل الْوَقْتِ إِلَى مَا قَبْل خُرُوجِهِ بِزَمَنٍ يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الإِْحْرَامِ أَوْ ثَلاَثَ رَكَعَاتِ الْمَغْرِبِ مَثَلاً.
وَأَمَّا وَقْتُ وُجُوبِ الأَْدَاءِ فَهُوَ الْوَقْتُ الْبَاقِي الَّذِي يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الإِْحْرَامِ أَوْ ثَلاَثَ رَكَعَاتِ الْمَغْرِبِ.
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ (2) ، وَمِنْهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ، وَقَبْل آخِرِ الْوَقْتِ يَكُونُ الْمُكَلَّفُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَدَاءِ الصَّلاَةِ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ وَبَيْنَ عَدَمِ أَدَائِهَا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ
__________
(1) بداية المجتهد 1 / 9، وجواهر الإكليل 1 / 33، وقليوبي 1 / 114، والمغني 1 / 381، والمراجع السابقة.
(2) بدائع الصنائع 1 / 94 - 95.
يَتَعَلَّقُ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ وَلاَ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ. (1)
وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلاَفِ فِي مُقِيمٍ سَافَرَ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حِينَ يَقْضِي الظُّهْرَ يَقْضِيهِ رَكْعَتَيْنِ؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ، وَهُوَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ كَانَ مُسَافِرًا، فَيَقْضِي صَلاَةَ الْمُسَافِرِينَ. وَعِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ يَقْضِي الظُّهْرَ أَرْبَعًا؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِالْجُزْءِ الأَْوَّل مِنَ الْوَقْتِ وَمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ فِي الْجُزْءِ الأَْوَّل مِنَ الْوَقْتِ كَانَ مُقِيمًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَلاَةِ الْمُقِيمِينَ.
وَمِثْل ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ أَوْ نَفِسَتْ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَوْ جُنَّ الْعَاقِل أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ قَضَاءُ هَذَا الْفَرْضِ إِذَا زَال الْمَانِعُ؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ، وَهَؤُلاَءِ جَمِيعًا لَيْسُوا أَهْلاً لِلْخِطَابِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمُ الأَْدَاءُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمُ الْقَضَاءُ.
الأَْوْقَاتُ الْمُسْتَحَبَّةُ لِلصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ:
وَقْتُ الصُّبْحِ الْمُسْتَحَبِّ (2) :
15 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الإِْسْفَارُ بِالْفَجْرِ أَيْ تَأْخِيرُهُ إِلَى أَنْ يَنْتَشِرَ الضَّوْءُ وَيَتَمَكَّنَ كُل مَنْ يُرِيدُ الصَّلاَةَ بِجَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَنْ يَسِيرَ فِي الطَّرِيقِ بِدُونِ أَنْ يَلْحَقَهُ ضَرَرٌ، كَأَنْ تَزِل قَدَمُهُ، أَوْ يَقَعَ فِي حُفْرَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْضْرَارِ الَّتِي تَنْشَأُ
__________
(1) القليوبي 1 / 115، 117، والمغني 1 / 397.
(2) المستحب: هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو رغب فيه ولم يوجبه، ولم يواظب عليه.
الصفحة 176
373