كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)
الْحَدِيثَيْنِ، بِأَنْ نَسْتَثْنِيَ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ السُّنَنَ، وَيَكُونُ النَّهْيُ مُنَصَّبًا عَلَى الْفَرَائِضِ، أَمَّا السُّنَنُ فَلَيْسَتْ مَنْهِيًّا عَنْهَا.
وَحُجَّةُ مَالِكٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ كَرَاهَةُ السُّنَنِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ: حَدِيثُ عُقْبَةَ الَّذِي يَدُل عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلاَةِ مُطْلَقًا فِيهَا. (1)
وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ صَلاَةَ الْكُسُوفِ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إِذَا دَخَل الْمَسْجِدَ لاَ لِغَرَضِ أَنْ يُصَلِّيَهَا، بِأَنْ دَخَل الْمَسْجِدَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ، ثُمَّ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ (2) .
وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ.
25 - وَأَمَّا حُكْمُ صَلاَةِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ؛ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ الْمَارِّ ذِكْرُهُ، وَالَّذِي يَدُل عَلَى النَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ فِيهَا مُطْلَقًا.
وَلاَ تَجُوزُ صَلاَةُ الْجِنَازَةِ إِذَا حَضَرَتْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ أُخِّرَتِ الصَّلاَةُ عَلَيْهَا بِدُونِ عُذْرٍ إِلَى الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ. وَلاَ تَجُوزُ سَجْدَةُ تِلاَوَةٍ تُلِيَتْ آيَتُهَا أَوْ سُمِعَتْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ سَجَدَ لَهَا التَّالِي أَوِ السَّامِعُ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ. أَمَّا إِذَا حَضَرَتِ الْجِنَازَةُ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَهِيَ صَحِيحَةٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
وَمِثْل ذَلِكَ سَجْدَةُ التِّلاَوَةِ إِذَا تُلِيَتْ آيَتُهَا فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ سَجَدَ لَهَا التَّالِي أَوِ السَّامِعُ فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَإِنَّهَا تَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
وَدَلِيل الْحَنَفِيَّةِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ صَلاَةِ الْجِنَازَةِ، إِذَا حَضَرَتِ الْجِنَازَةُ فِي الْوَقْتِ غَيْرِ الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ أُخِّرَتِ الصَّلاَةُ عَلَيْهَا إِلَى الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ: حَدِيثُ
__________
(1) بداية المجتهد 1 / 53.
(2) البجيرمي على الإقناع 2 / 109 وما بعدها.
عُقْبَةَ الْمَارُّ ذِكْرُهُ. وَدَلِيلُهُمْ عَلَى صِحَّةِ صَلاَةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلاَوَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ: أَنَّ مَا وَجَبَ فِي وَقْتٍ نَاقِصٍ يُؤَدَّى فِي النَّاقِصِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَمَا وَجَبَ فِي كَامِلٍ لاَ يُؤَدَّى فِي النَّاقِصِ، وَمَنْ أَجْل ذَلِكَ صَحَّ عَصْرُ الْيَوْمِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، إِذَا أُدِّيَ فِي وَقْتِ الاِصْفِرَارِ؛ لأَِنَّهُ وَجَبَ فِي نَاقِصٍ فَيُؤَدَّى كَمَا وَجَبَ، وَلَمْ يَصِحَّ عَصْرُ أَمْسِ إِذَا أَدَّاهُ فِي وَقْتِ الاِصْفِرَارِ الْيَوْمَ؛ لأَِنَّهُ وَجَبَ فِي كَامِلٍ فَلاَ يُؤَدَّى فِي النَّاقِصِ. (1)
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ الثَّلاَثَةِ؛ لِحَدِيثِ: إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ غَفَل عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، دَل الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فِي كُل وَقْتٍ عِنْدَ التَّذَكُّرِ. (2)
ثَانِيًا: أَوْقَاتُ الْكَرَاهَةِ لأَِمْرٍ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ
26 - وَهِيَ عَشْرَةُ أَوْقَاتٍ، كَمَا ذَكَرَهَا الشُّرُنْبُلاَلِيُّ: وَأَوْصَلَهَا ابْنُ عَابِدِينَ إِلَى نَيِّفٍ وَثَلاَثِينَ مَوْضِعًا، أَهَمُّهَا: (3)
الْوَقْتُ الأَْوَّل: قَبْل صَلاَةِ الصُّبْحِ.
27 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى كَرَاهِيَةِ التَّنَفُّل قَبْل صَلاَةِ الصُّبْحِ إِلاَّ بِسُنَّةِ الْفَجْرِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ إِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يُصَلِّيَهُ بِاللَّيْل، فَلَمْ يُصَلِّهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ.
وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل قَبْل صَلاَةِ الصُّبْحِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَلِّغَ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ،
__________
(1) ابن عابدين 1 / 250.
(2) بداية المجتهد 12 / 53 وما بعدها، والبجيرمي على الإقناع 2 / 209 وما بعدها، والمغني 1 / 753 وما بعدها.
(3) ابن عابدين 1 / 254.
الصفحة 182
373