كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

الدَّمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ عَلَى الْعَادَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرَاهُ فِيهَا فَهُوَ حَيْضٌ فِي الصَّحِيح؛ لأَِنَّ دَلِيل الْحَيْضِ الْوُجُودُ فِي زَمَنِ الإِْمْكَانِ، وَهَذَا يُمْكِنُ وُجُودُ الْحَيْضِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَادِرًا. وَإِنْ رَأَتْهُ بَعْدَ السِّتِّينَ فَقَدْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ. (1)

اشْتِرَاطُ انْقِطَاعِ الدَّمِ مُدَّةً قَبْل الْحُكْمِ بِالإِْيَاسِ:
7 - ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الْحَنَفِيَّةُ فِي سِيَاقِ الْقَوْل بِأَنَّ سِنَّ الإِْيَاسِ 50 أَوْ 55 عَامًا، قَالُوا: يُشْتَرَطُ لِلْحُكْمِ بِالإِْيَاسِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ أَنْ يَنْقَطِعَ الدَّمُ عَنْهَا مُدَّةً طَوِيلَةً، وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فِي الأَْصَحِّ. قَالُوا: وَالأَْصَحُّ أَلاَّ يَشْتَرِطَ أَنْ يَكُونَ انْقِطَاعُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ مُدَّةِ الإِْيَاسِ. بَل لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا قَبْل مُدَّةِ الإِْيَاسِ، ثُمَّ تَمَّتْ مُدَّةُ الإِْيَاسِ، وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا يُحْكَمُ بِإِيَاسِهَا وَتَعْتَدُّ بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ. (2) وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا الشَّرْطِ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ.

إِيَاسُ مَنْ لَمْ تَحِضْ:
8 - لَمْ يَعْرِضْ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالنَّصِّ عَلَيْهَا فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ. فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ بِالسِّنِّ، وَاسْتَمَرَّ امْتِنَاعُ الْحَيْضِ، فَإِنَّهَا يُحْكَمُ بِإِيَاسِهَا مَتَى بَلَغَتْ ثَلاَثِينَ عَامًا. نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنِ الْجَامِعِ. (3)
وَمُقْتَضَى إِطْلاَقِ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ لاَ يُحْكَمُ بِإِيَاسِهَا إِلاَّ مَتَى بَلَغَتْ سِنَّ الإِْيَاسِ الْمُعْتَبَرِ، كَغَيْرِهَا.
__________
(1) المغني 7 / 461.
(2) حاشية ابن عابدين 2 / 607.
(3) ابن عابدين 2 / 602، 606.
السُّنَّةُ وَالْبِدْعَةُ فِي تَطْلِيقِ الآْيِسَةِ:
9 - السُّنَّةُ فِي طَلاَقِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَكُونَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَأْتِهَا فِيهِ زَوْجُهَا، أَوْ أَثْنَاءَ الْحَمْل. أَمَّا طَلاَقُهَا أَثْنَاءَ الْحَيْضِ، أَوْ فِي طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ، فَإِنَّهُ طَلاَقٌ بِدْعِيٌّ. وَأَمَّا الآْيِسَةُ مِنَ الْحَيْضِ فَقَدْ قِيل: لاَ سُنَّةَ لِطَلاَقِهَا وَلاَ بِدْعَةَ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: السُّنَّةُ فِي طَلاَقِهَا أَنْ تَطْلُقَ عَلَى رَأْسِ كُل شَهْرٍ طَلْقَةً.
وَقِيل: طَلاَقُهَا طَلاَقٌ سُنِّيٌّ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ. (1)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (طَلاَقٍ) .

عِدَّةُ طَلاَقِ الآْيِسَةِ:
10 - تَعْتَدُّ ذَاتُ الأَْقْرَاءِ مِنَ الطَّلاَقِ بِثَلاَثَةِ أَقْرَاءٍ. وَالْحَامِل عِدَّتُهَا إِلَى وَضْعِ حَمْلِهَا، أَمَّا الَّتِي أَيِسَتْ مِنَ الْحَيْضِ، إِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَعِدَّتُهَا مِنَ الطَّلاَقِ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الطَّلاَقِ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (2) لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ} . (3)
وَالتَّفْصِيل فِي (عِدَّةٍ) .

مَنْ تَأْخُذُ حُكْمَ الآْيِسَةِ مِنَ النِّسَاءِ:
11 - إِنَّ الْمُطَلَّقَةَ إِذَا ارْتَفَعَ حَيْضُهَا، وَعَرَفَتْ مَا رَفَعَهُ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نِفَاسٍ، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَال الْعَارِضِ وَعَوْدَ الدَّمِ وَإِنْ طَال، إِلاَّ أَنْ تَصِيرَ فِي سِنِّ
__________
(1) ابن عابدين 2 / 419، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 348، وشرح منتهى الإرادات 3 / 134 مطبعة أنصار السنة.
(2) ابن عابدين 2 / 602، وشرح المنتهى 3 / 220، والمغني 7 / 425، 458، 459، 503.
(3) سورة الطلاق / 4.

الصفحة 199