كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

الْحَنَفِيَّةِ (1) وَالشَّافِعِيَّةِ (2) وَالْحَنَابِلَةِ (3) لأَِنَّهُ لاَ وِلاَيَةَ لَهَا عَلَى أَوْلاَدِهَا فِي حَال حَيَاتِهَا، فَلاَ يَكُونُ لَهَا حَقُّ إِقَامَةِ خَلِيفَةٍ عَنْهَا فِي حَال وَفَاتِهَا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لِلأُْمِّ الْحَقُّ فِي الإِْيصَاءِ عَلَى أَوْلاَدِهَا، إِذَا تَوَافَرَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّلاَثَةُ::
(1) أَنْ يَكُونَ مَال الأَْوْلاَدِ مَوْرُوثًا عَنِ الأُْمِّ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْرُوثٍ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهَا الإِْيصَاءُ فِيهِ.
(2) أَنْ يَكُونَ الْمَال الْمَوْرُوثُ عَنْهَا قَلِيلاً، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلاَ يَكُونُ لَهَا الإِْيصَاءُ عَلَيْهِ، وَالْمُعَوَّل عَلَيْهِ فِي اعْتِبَارِ الْمَال قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا هُوَ الْعُرْفُ، فَمَا اعْتُبِرَ فِي عُرْفِ النَّاسِ كَثِيرًا كَانَ كَثِيرًا، وَمَا اعْتُبِرَ فِي عُرْفِهِمْ قَلِيلاً كَانَ قَلِيلاً.
(3) أَلاَّ يَكُونَ لِلأَْوْلاَدِ أَبٌ، أَوْ وَصِيٌّ مِنَ الأَْبِ أَوِ الْقَاضِي، فَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلاَءِ فَلَيْسَ لِلأُْمِّ حَقُّ الإِْيصَاءِ عَلَيْهِمْ. (4)

مَنْ تَكُونُ عَلَيْهِ الْوِصَايَةُ:
10 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْوِصَايَةَ تَكُونُ عَلَى الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، وَهُمُ الْمَجَانِينُ وَالْمَعْتُوهُونَ مِنَ الْجِنْسَيْنِ؛ لأَِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى مَنْ يَرْعَى شُؤُونَهُمْ فِي التَّعْلِيمِ وَالتَّأْدِيبِ وَالتَّزْوِيجِ إِنِ احْتَاجُوا إِلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ لَهُمْ مَالٌ احْتَاجُوا إِلَى مَنْ يَقُومُ بِحِفْظِهِ وَصِيَانَتِهِ وَاسْتِثْمَارِهِ. (5)
__________
(1) حاشية ابن عابدين 6 / 714.
(2) مغني المحتاج 3 / 76، والإقناع 4 / 33.
(3) الروض المربع 2 / 249، ومنار السبيل في شرح الدليل 2 / 47.
(4) الشرح الصغير 2 / 474.
(5) حاشية ابن عابدين 2 / 312، 6 / 714، والشرح الصغير 2 / 474، وشرح الجلال المحلي وقليوبي 3 / 177، ومغني المحتاج 3 / 73، والمغني لابن قدامة 6 / 135، ومنار السبيل شرح الدليل 2 / 47.
شُرُوطُ الْوَصِيِّ:
11 - اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ شُرُوطًا لاَ يَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلاَّ بِتَوَافُرِهَا، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ بَعْضُهَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اشْتِرَاطِهَا، وَبَعْضُهَا اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِهِ.
أَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي اتَّفَقُوا عَلَى اشْتِرَاطِهَا فَهِيَ:
(1) الْعَقْل وَالتَّمْيِيزُ، وَعَلَى هَذَا لاَ يَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَى الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ؛ لأَِنَّهُ لاَ وِلاَيَةَ لأَِحَدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلاَ يَكُونُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي شُئُونِ غَيْرِهِ بِالطَّرِيقِ الأَْوْلَى.
(2) الإِْسْلاَمُ، إِذَا كَانَ الْمُوصَى عَلَيْهِ مُسْلِمًا؛ لأَِنَّ الْوِصَايَةَ وِلاَيَةٌ، وَلاَ وِلاَيَةَ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ؛ لِقَوْل اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَل اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (1) وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (2) وَلأَِنَّ الاِتِّفَاقَ فِي الدِّينِ بَاعِثٌ عَلَى الْعِنَايَةِ وَشِدَّةِ الرِّعَايَةِ بِالْمُوَافِقِ فِيهِ، كَمَا أَنَّ الاِخْتِلاَفَ فِي الدِّينِ بَاعِثٌ فِي الْغَالِبِ عَلَى تَرْكِ الْعِنَايَةِ بِمَصَالِحِ الْمُخَالِفِ فِيهِ.
(3) قُدْرَةُ الْمُوصَى إِلَيْهِ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا أُوصِيَ إِلَيْهِ فِيهِ، وَحُسْنُ التَّصَرُّفِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنِ الْقِيَامِ بِذَلِكَ؛ لِمَرَضٍ أَوْ كِبَرِ سِنٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَلاَ يَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لاَ مَصْلَحَةَ تُرْجَى مِنَ الإِْيصَاءِ إِلَى مَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ.
وَأَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي اخْتَلَفُوا فِيهَا فَهِيَ:
(1) الْبُلُوغُ، فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (3) وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، (4)
__________
(1) سورة النساء / 141.
(2) سورة التوبة / 71.
(3) الشرح الكبير 4 / 402، والشرح الصغير 2 / 474، ومغني المحتاج 3 / 74.
(4) المغني 6 / 137.

الصفحة 210