كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

بِمُهِمَّتِهِ الَّتِي عُيِّنَ مِنْ أَجْلِهَا، وَلَيْسَ لِلْمُشْرِفِ حَقُّ الاِشْتِرَاكِ فِي الإِْدَارَةِ وَلاَ الاِنْفِرَادِ بِالتَّصَرُّفِ، وَإِذَا خَلاَ مَكَانُ الْوَصِيِّ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى مَال الصَّغِيرِ وَيَحْفَظَهُ إِلَى أَنْ يُعَيَّنَ وَصِيٌّ جَدِيدٌ.

تَعَدُّدُ الأَْوْصِيَاءِ:
16 - الإِْيصَاءُ قَدْ يَكُونُ لِوَاحِدٍ، وَقَدْ يَكُونُ لأَِكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ. فَإِذَا كَانَ الإِْيصَاءُ لأَِكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَصَدَرَ الإِْيصَاءُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ قَال الْمُوصِي: أَوْصَيْتُ إِلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، وَقَبِل كُلٌّ مِنْهُمَا الْوِصَايَةَ صَارَ وَصِيًّا، وَكَذَلِكَ إِذَا حَصَل الإِْيصَاءُ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، بِأَنْ أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ، ثُمَّ أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ آخَرَ، فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ وَصِيَّيْنِ، إِلاَّ إِذَا قَال الْمُوصِي: أَخْرَجْتُ الأَْوَّل أَوْ عَزَلْتُهُ، أَمَّا إِذَا وُجِدَتِ الْوَصِيَّةُ إِلَيْهِمَا بِعَقْدَيْنِ مِنْ غَيْرِ عَزْل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ وَصِيَّيْنِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى إِلَيْهِمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً.
فَإِذَا تَعَدَّدَ الأَْوْصِيَاءُ، وَحَدَّدَ الْمُوصِي لِكُل وَاحِدٍ اخْتِصَاصَهُ، بِأَنْ عَهِدَ إِلَى أَحَدِ الأَْوْصِيَاءِ الْقِيَامَ بِشُئُونِ الأَْرَاضِي، وَإِلَى آخَرَ بِشُئُونِ الْمَتْجَرِ، أَوِ الْمَصْنَعِ، وَإِلَى ثَالِثٍ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَا جُعِل إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى إِلَى وَصِيَّيْنِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَجَعَل لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا، بِأَنْ يَقُول: أَوْصَيْتُ إِلَى كُل وَاحِدٍ مِنْكُمَا بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِي، وَلِكُلٍّ مِنْكُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ، كَانَ لِكُل وَصِيٍّ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ؛ لأَِنَّ الْمُوصِيَ جَعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا مُنْفَرِدًا، وَهَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ تَصَرُّفِهِ عَلَى الاِنْفِرَادِ.
أَمَّا لَوْ أَوْصَى إِلَى وَصِيَّيْنِ لِيَتَصَرَّفَا مُجْتَمِعَيْنِ، فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الاِنْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ، فَلَوْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الآْخَرِ أَوْ تَوْكِيلٍ مِنْهُ كَانَ لَهُ رَدُّ تَصَرُّفِهِ؛ لأَِنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَجْعَل ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِنَظَرِهِ وَحْدَهُ، وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ إِلاَّ فِي الصُّورَةِ الأُْولَى، وَهِيَ مَا إِذَا خَصَّصَ لِكُل وَصِيٍّ عَمَلاً، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُول: إِنَّ الْوِصَايَةَ لاَ تَتَخَصَّصُ بِالتَّخْصِيصِ مِنَ الْمُوصِي، بَل يَكُونُ الْوَصِيُّ وَصِيًّا فِيمَا يَمْلِكُهُ الْمُوصِي، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلاَمِ عَلَى سُلْطَةِ الْوَصِيِّ.
وَإِذَا تَعَدَّدَ الأَْوْصِيَاءُ، وَكَانَ الإِْيصَاءُ مُطْلَقًا عَنِ التَّخْصِيصِ أَوِ التَّقْيِيدِ بِالاِنْفِرَادِ أَوِ الاِجْتِمَاعِ، بِأَنْ قَال: أَوْصَيْتُ إِلَيْكُمَا بِالنَّظَرِ فِي شُئُونِ أَطْفَالِي مَثَلاً، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ ثَلاَثَةُ آرَاءٍ. فَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ يَقُولاَنِ: لَيْسَ لأَِحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الاِنْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ، إِلاَّ أَنَّهُمَا اسْتَثْنَيَا مِنْ ذَلِكَ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ، فَأَجَازَا لِكُل وَاحِدٍ الاِنْفِرَادَ بِهَا لِلضَّرُورَةِ، لأَِنَّهَا تَصَرُّفَاتٌ عَاجِلَةٌ لاَ تَحْتَمِل التَّأْخِيرَ، أَوْ لأَِنَّهَا لاَزِمَةٌ لِحِفْظِ الْمَال، أَوْ لأَِنَّ اجْتِمَاعَ الرَّأْيِ فِيهَا مُتَعَذَّرٌ، كَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ الْمُعَيَّنِ، وَرَدِّ الْوَدِيعَةِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ الْمُعَيَّنَتَيْنِ، وَشِرَاءِ مَا لاَ بُدَّ لِلصَّغِيرِ مِنْهُ كَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ، وَقَبُول الْهِبَةِ لَهُ، وَالْخُصُومَةِ عَنِ الْمَيِّتِ فِيمَا يُدْعَى لَهُ أَوْ عَلَيْهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ الاِجْتِمَاعُ عَلَيْهِ، أَوْ يَضُرُّ تَأْخِيرُهُ.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ قَرِيبٌ مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِذَا أَوْصَى إِلَى اثْنَيْنِ وَلَمْ يَجْعَل لِكُلٍّ مِنْهُمَا الاِنْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ، بَل لاَ بُدَّ مِنَ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ، وَهَذَا فِي أَمْرِ الأَْطْفَال وَأَمْوَالِهِمْ، وَتَفْرِقَةِ الْوَصَايَا غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ،

الصفحة 216