كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ إِذَا طَلَبَ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ فِي مَال الْيَتِيمِ، فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهُ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ بِقَدْرِ شُغْلِهِ فِي مَال الْيَتِيمِ وَشِرَاءِ نَفَقَتِهِ. فَإِنْ تَوَرَّعَ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ. كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لِلْوَصِيِّ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ سَدَادًا لِلأَْيْتَامِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَانَ النَّاظِرُ فِي أَمْرِ الطِّفْل أَجْنَبِيًّا، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال الطِّفْل قَدْرَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ، فَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا أَخَذَهُ، وَلَوْ لِكِفَايَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا، أَوْ أُمًّا - بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ لَهَا - فَلاَ يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا إِنْ كَانَ غَنِيًّا، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَنَفَقَتُهُ عَلَى الطِّفْل، وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ حَاكِمٍ (2) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْوَصِيَّ إِنْ كَانَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ عَلَى وَصِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ وَصِيَّ الْقَاضِي، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَل لَهُ أَجْرَ الْمِثْل عَلَى وَصِيَّتِهِ (3) .
وَمَعَ هَذَا فَقَدْ أَجَازُوا لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُل مِنْ مَال الْيَتِيمِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا، وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ إِذَا ذَهَبَ فِي حَاجَتِهِ (4) ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} (5) ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنَّ عِنْدِي يَتِيمًا عِنْدَهُ
__________
(1) البهجة في شرح التحفة، وحلى المعاصم المطبوع بهامش الشرح المذكور 2 / 309.
(2) مغني المحتاج 3 / 78، 79.
(3) الدر وحاشية ابن عابدين 6 / 713.
(4) الاختيار لتعليل المختار 5 / 69، 70.
(5) سورة النساء / 6.
مَالٌ، وَلَيْسَ لِي مَالٌ، آكُل مِنْ مَالِهِ؟ قَال: كُل بِالْمَعْرُوفِ غَيْرَ مُسْرِفٍ (1) .

انْتِهَاءُ الْوِصَايَةِ:
18 - تَنْتَهِي الْوِصَايَةُ بِأَحَدِ الأُْمُورِ الآْتِيَةِ:
(1) مَوْتُ الْوَصِيِّ، أَوْ فَقْدُهُ لِشَرْطٍ مِنَ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَصِيُّ، أَوْ فَقَدَ شَرْطًا مِنَ الشُّرُوطِ الْوَاجِبِ تَوَافُرُهَا لِصِحَّةِ الإِْيصَاءِ، كَالإِْسْلاَمِ وَالْعَقْل وَغَيْرِهِمَا انْتَهَتْ وِصَايَتُهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ كَمَا تُعْتَبَرُ فِي الاِبْتِدَاءِ تُعْتَبَرُ فِي الدَّوَامِ وَالْبَقَاءِ (2) .

(2) انْتِهَاءُ مُدَّةِ الْوِصَايَةِ، فَإِذَا أُقِّتَتِ الْوِصَايَةُ بِمُدَّةٍ، كَأَنْ قَال الْمُوصِي: أَوْصَيْتُ إِلَى فُلاَنٍ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، أَوْ قَال: أَوْصَيْتُ إِلَى فُلاَنٍ مُدَّةَ غِيَابِ وَلَدِي فُلاَنٍ، أَوْ إِلَى أَنْ يَصِيرَ رَشِيدًا، فَإِذَا حَضَرَ أَوْ رَشَدَ فَهُوَ وَصِيِّي، فَإِنَّ الإِْيصَاءَ يَنْتَهِي إِذَا حَضَرَ وَلَدُهُ، أَوْ صَارَ رَشِيدًا؛ لأَِنَّ الإِْيصَاءَ كَالإِْمَارَةِ، وَالإِْمَارَةُ يَصِحُّ تَوْقِيتُهَا وَتَعْلِيقُهَا عَلَى الشَّرْطِ، فَكَذَلِكَ الإِْيصَاءُ؛ وَلأَِنَّ الإِْيصَاءَ مُؤَقَّتٌ شَرْعًا بِبُلُوغِ الأَْيْتَامِ أَوْ إِينَاسِ الرُّشْدِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مُؤَقَّتًا بِالشَّرْطِ، وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا (3) .
__________
(1) حديث: " كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثل. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 293 - ط عزت عبيد دعاس) والنسائي (6 / 256 - ط المكتبة التجارية) وقواه ابن حجر في الفتح (8 / 241 - ط السلفية) . ورواه ابن أبي حاتم (مختصر تفسير ابن كثير 1 / 359) .
(2) الشرح الكبير 4 / 403، والشرح الصغير 2 / 475، ومغني المحتاج 3 / 75، والمغني 6 / 140، 141، والدر وحاشية ابن عابدين 6 / 705، 706.
(3) الشرح الصغير 2 / 473، ومغني المحتاج 3 / 77، والإقناع 4 / 34، والاختيار 5 / 69.

الصفحة 218