كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

إِيقَافٌ

انْظُرْ: وَقْفٌ

إِيلاَءٌ

التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْيلاَءُ فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهُ: الْحَلِفُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَمْ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ، مَأْخُوذٌ مِنْ آلَى عَلَى كَذَا يُولِي إِيلاَءً وَأَلْيَةً: إِذَا حَلَفَ عَلَى فِعْل شَيْءٍ أَوْ تَرْكِهِ.
كَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا غَضِبَ مِنْ زَوْجَتِهِ حَلَفَ أَلاَّ يَطَأَهَا السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، أَوْ أَلاَّ يَطَأَهَا أَبَدًا، وَيَمْضِي فِي يَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ لَوْمٍ أَوْ حَرَجٍ، وَقَدْ تَقْضِي الْمَرْأَةُ عُمْرَهَا كَالْمُعَلَّقَةِ، فَلاَ هِيَ زَوْجَةٌ تَتَمَتَّعُ بِحُقُوقِ الزَّوْجَةِ، وَلاَ هِيَ مُطَلَّقَةٌ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِرَجُلٍ آخَرَ، فَيُغْنِيهَا اللَّهُ مِنْ سَعَتِهِ.
فَلَمَّا جَاءَ الإِْسْلاَمُ أَنْصَفَ الْمَرْأَةَ، وَوَضَعَ لِلإِْيلاَءِ أَحْكَامًا خَفَّفَتْ مِنْ أَضْرَارِهِ، وَحَدَّدَ لِلْمُولِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَأَلْزَمَهُ إِمَّا بِالرُّجُوعِ إِلَى مُعَاشَرَةِ زَوْجَتِهِ، وَإِمَّا بِالطَّلاَقِ عَلَيْهِ.
قَال اللَّهُ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) .
__________
(1) سورة البقرة / 226، 227.
وَالإِْيلاَءُ فِي الاِصْطِلاَحِ - يُعَرِّفُهُ الْحَنَفِيَّةُ - أَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا، أَلاَّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَنْ يُعَلِّقَ عَلَى قُرْبَانِهَا أَمْرًا فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُول الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لاَ أَقْرَبُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، أَوْ سِتَّةً، أَوْ يَقُول: وَاللَّهِ لاَ أَقْرَبُكِ أَبَدًا، أَوْ مُدَّةَ حَيَاتِي، أَوْ وَاللَّهِ لاَ أَقْرَبُكِ وَلاَ يَذْكُرُ مُدَّةً، وَهَذِهِ صُورَةُ الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا صُورَةُ التَّعْلِيقِ، فَهُوَ أَنْ يَقُول: إِنْ قَرُبْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ شَهْرٍ، أَوْ حَجٌّ، أَوْ إِطْعَامُ عِشْرِينَ مِسْكِينًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَى النَّفْسِ، فَإِذَا قَال الزَّوْجُ شَيْئًا مِنْ هَذَا اعْتُبِرَ قَوْلُهُ إِيلاَءً. أَمَّا إِذَا امْتَنَعَ الرَّجُل مِنْ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ بِدُونِ يَمِينٍ، فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ إِيلاَءً، وَلَوْ طَالَتْ مُدَّةُ الاِمْتِنَاعِ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ، بَل يُعْتَبَرُ سُوءُ مُعَاشَرَةٍ يُتِيحُ لِزَوْجَتِهِ طَلَبَ الْفُرْقَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ قُرْبَانِهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ الزَّوْجُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَالنَّبِيِّ وَالْوَلِيِّ أَلاَّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ إِيلاَءً؛ لأَِنَّ الإِْيلاَءَ يَمِينٌ، وَالْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ يَمِينًا شَرْعًا؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ (1) .
وَمِثْل هَذَا لَوْ عَلَّقَ الرَّجُل عَلَى قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ أَمْرًا لَيْسَ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَى النَّفْسِ، كَصَلاَةِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ إِطْعَامِ مِسْكِينٍ، لاَ يَكُونُ إِيلاَءً.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ فِيهَا أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لاَ يُعْتَبَرُ
__________
(1) حديث: " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ". أخرجه البخاري (الفتح 12 / 530 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1267 - ط الحلبي) .

الصفحة 221