كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

الْمُرَادَ بِهَا الْحَلِفُ عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ، صَحَّ الإِْيلاَءُ بِهَا، كَمَا يَصِحُّ طَلاَقُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ (1) .

شَرَائِطُ الإِْيلاَءِ:
4 - شَرَائِطُ الإِْيلاَءِ كَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ، مِنْهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي رُكْنِ الإِْيلاَءِ، وَمِنْهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعًا، وَمِنْهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجُل الْمُولِي، وَمِنْهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُدَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا.
وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ كُل نَوْعٍ مِنْهَا:

أ - شَرَائِطُ الرُّكْنِ:
يُشْتَرَطُ فِي رُكْنِ الإِْيلاَءِ، وَهُوَ صِيغَتُهُ، ثَلاَثَ شَرَائِطَ:

الشَّرِيطَةُ الأُْولَى:
5 - أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ صَالِحًا لِلدَّلاَلَةِ عَلَى مَعْنَى الإِْيلاَءِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ مَادَّةُ اللَّفْظِ دَالَّةً عَلَى مَنْعِ الزَّوْجِ مِنْ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ دَلاَلَةً وَاضِحَةً عُرْفًا، مِثْل قَوْل الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لاَ أُوَاقِعُكِ، أَوْ لاَ أُجَامِعُكِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَيَنْقَسِمُ اللَّفْظُ الصَّالِحُ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى الإِْيلاَءِ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ عَلَى مَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ:
الأَْوَّل: صَرِيحٌ، وَهُوَ مَا دَل عَلَى الْوَطْءِ لُغَةً وَعُرْفًا.
وَحُكْمُ هَذَا النَّوْعِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إِيلاَءً مَتَى صَدَرَ عَنْ قَصْدٍ إِلَى التَّلَفُّظِ بِهِ بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى النِّيَّةِ، وَلَوْ قَال الزَّوْجُ: إِنَّهُ لَمْ يُرِدِ الإِْيلاَءَ لاَ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ لاَ دِيَانَةً
__________
(1) الخرشي 3 / 229.
وَلاَ قَضَاءً؛ لأَِنَّ اللَّفْظَ لاَ يَحْتَمِل غَيْرَ الإِْيلاَءِ، فَإِرَادَةُ مَعْنًى آخَرَ خِلاَفَهُ تَكُونُ إِرَادَةً مَحْضَةً بِدُونِ لَفْظٍ يَدُل عَلَيْهَا، فَلاَ تُعْتَبَرُ.
الثَّانِي: مَا يَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ، وَهُوَ مَا يُسْتَعْمَل فِي الْجِمَاعِ عُرْفًا، كَلَفْظِ الْقُرْبَانِ وَالاِغْتِسَال، وَذَلِكَ كَأَنْ يَحْلِفَ الرَّجُل أَلاَّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ، وَبِهِ وَرَدَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ قَال تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (1) .
وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ أَلاَّ يَغْتَسِل مِنْهَا؛ لأَِنَّ الاِغْتِسَال مِنْهَا لاَ يَكُونُ إِلاَّ عَنِ الْجِمَاعِ عَادَةً.
وَحُكْمُ هَذَا النَّوْعِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إِيلاَءً فِي الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى النِّيَّةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَال الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لاَ أَقْرَبُكِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَذَا اللَّفْظِ الْجِمَاعَ، لاَ يُقْبَل مِنْهُ هَذَا الاِدِّعَاءُ فِي الْقَضَاءِ، وَيُقْبَل مِنْهُ دِيَانَةً، أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّ اللَّفْظَ الَّذِي وَرَدَ فِي عِبَارَتِهِ يَحْتَمِل الْمَعْنَى الَّذِي ادَّعَاهُ، وَإِنْ كَانَ خِلاَفَ الظَّاهِرِ، فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ نَوَى مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ، فَتَكُونُ إِرَادَتُهُ صَحِيحَةً، إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ يُخَالِفُ الْمَعْنَى الظَّاهِرَ مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ لَمْ يُقْبَل مِنْهُ مَا ادَّعَاهُ قَضَاءً، وَقُبِل مِنْهُ دِيَانَةً.
الثَّالِثُ: الْكِنَايَةُ، وَهُوَ مَا يَحْتَمِل الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ، وَلَمْ يَغْلِبِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجِمَاعِ عُرْفًا، كَمَا إِذَا حَلَفَ الرَّجُل: أَلاَّ يَمَسَّ جِلْدُهُ جِلْدَ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَلاَّ يَقْرَبَ فِرَاشَهَا، أَوْ أَلاَّ يَجْمَعَ رَأْسَهُ وَرَأْسَهَا وِسَادَةٌ.
وَحُكْمُ هَذَا النَّوْعِ: أَنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ إِيلاَءً إِلاَّ بِالنِّيَّةِ، فَإِذَا قَال الزَّوْجُ: أَرَدْتُ تَرْكَ الْجِمَاعِ كَانَ مُولِيًا، وَإِنْ قَال: لَمْ أُرِدْ تَرْكَ الْجِمَاعِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لأَِنَّ هَذِهِ
__________
(1) سورة البقرة / 222.

الصفحة 223