كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

وَالإِْيلاَءُ الْمُضَافُ هُوَ: مَا كَانَتْ صِيغَتُهُ مَقْرُونَةً بِوَقْتٍ مُسْتَقْبَلٍ يَقْصِدُ الزَّوْجُ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ عِنْدَ حُلُول هَذَا الْوَقْتِ، وَمِثَالُهُ: أَنْ يَقُول الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لاَ أَقْرَبُكِ مِنْ أَوَّل الشَّهْرِ الآْتِي، أَوْ يَقُول لَهَا: وَاللَّهِ لاَ أَقْرَبُكِ مِنْ غَدٍ.
وَفِي هَذِهِ الْحَال، يُعْتَبَرُ مَا صَدَرَ عَنِ الرِّجَال إِيلاَءً مِنْ وَقْتِ صُدُورِ الْيَمِينِ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِلاَّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الإِْيلاَءُ؛ لأَِنَّ الإِْضَافَةَ لاَ تَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ سَبَبًا لِحُكْمِهِ، وَلَكِنَّهَا تُؤَخِّرُ حُكْمَهُ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ، فَفِي قَوْل الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لاَ أَقْرَبُكِ مِنْ أَوَّل الشَّهْرِ الْقَادِمِ يُعْتَبَرُ الزَّوْجُ مُولِيًا مِنْ زَوْجَتِهِ مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي صَدَرَتْ فِيهِ هَذِهِ الصِّيغَةُ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الرَّجُل قَدْ حَلَفَ بِاللَّهِ تَعَالَى أَلاَّ يُوَلِّيَ مِنْ زَوْجَتِهِ حُكِمَ بِحِنْثِهِ فِي هَذِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحِنِ الْوَقْتُ الَّذِي أُضِيفَتْ إِلَيْهِ الْيَمِينُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِمُجَرَّدِ صُدُورِ الصِّيغَةِ الْمُضَافَةِ، لَكِنْ لَوِ اتَّصَل بِزَوْجَتِهِ قَبْل مَجِيءِ الشَّهْرِ الَّذِي أَضَافَ الإِْيلاَءَ إِلَيْهِ لاَ يُحْكَمُ بِحِنْثِهِ وَوُجُوبِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ مُدَّةَ الإِْيلاَءِ لاَ تُحْتَسَبُ إِلاَّ مِنْ أَوَّل الشَّهْرِ الَّذِي أَضَافَ الإِْيلاَءَ إِلَيْهِ.
وَإِنَّمَا صَحَّ تَعْلِيقُ الإِْيلاَءِ وَإِضَافَتُهُ لأَِنَّهُ يَمِينٌ، وَالْيَمِينُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَقْبَل الإِْضَافَةَ وَالتَّعْلِيقَ (1) .
وَلَمْ نَعْثُرْ عَلَى كَلاَمٍ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي قَبُول الإِْيلاَءِ لِلإِْضَافَةِ (2) .
__________
(1) البدائع 3 / 165.
(2) الروضة 8 / 244، الخرشي 4 / 90.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ أَوْرَدُوا مِنْ تَطْبِيقَاتِ الإِْيلاَءِ مَا يَدُل عَلَى قَبُول الإِْيلاَءِ لِلإِْضَافَةِ (1) .

ب - مَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعًا:
11 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإِْيلاَءِ فِي الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعًا قِيَامُ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا عِنْدَ حُصُول الإِْيلاَءِ أَوْ إِضَافَتِهِ إِلَى النِّكَاحِ.
أَمَّا قِيَامُ النِّكَاحِ حَقِيقَةً، فَيَتَحَقَّقُ بِعَقْدِ الزَّوَاجِ الصَّحِيحِ، وَقَبْل حُصُول الْفُرْقَةِ بَيْنَ الرَّجُل وَزَوْجَتِهِ، سَوَاءٌ أَدَخَل الرَّجُل بِزَوْجَتِهِ أَمْ لَمْ يَدْخُل.
وَأَمَّا قِيَامُهُ حُكْمًا، فَيَتَحَقَّقُ بِوُجُودِ الْعِدَّةِ مِنَ الطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ؛ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ بَعْدَ الطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ تَكُونُ زَوْجَةً مِنْ كُل وَجْهٍ مَا دَامَتِ الْعِدَّةُ، فَتَكُونُ مَحَلًّا لِلإِْيلاَءِ، كَمَا تَكُونُ مَحَلًّا لِلطَّلاَقِ، فَإِذَا أَقْسَمَ الزَّوْجُ أَلاَّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ الَّتِي طَلَّقَهَا طَلاَقًا رَجْعِيًّا مُدَّةً تَسْتَغْرِقُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَانَ مُولِيًا، فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَالْمَرْأَةُ لاَ تَزَال فِي الْعِدَّةِ، بِأَنْ كَانَتْ حَامِلاً، أَوْ كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ وَكَانَ طُهْرُهَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ يَمْتَدُّ طَوِيلاً، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يُؤْمَرُ الرَّجُل بِالْفَيْءِ، فَإِنْ لَمْ يَفِئْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي إِنِ امْتَنَعَ عَنِ الطَّلاَقِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْكَلاَمِ عَنْ أَثَرِ الإِْيلاَءِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ أُخْرَى (2) .
__________
(1) كشاف القناع 5 / 359 ط النصر، ومطالب أولي النهى 5 / 499 - ط المكتب الإسلامي، والإنصاف 9 / 176 ط التراث، ومنتهى الإرادات 2 / 320 ط دار العروبة.
(2) الهداية وفتح القدير 3 / 194، وحاشية ابن عابدين 2 / 842، والبدائع 3 / 171، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 427، ومغني المحتاج 3 / 349، والمغني لابن قدامة 7 / 313.

الصفحة 227