كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

الْحُكْمِ عَلَيْهِ حَتَّى يُوجَدَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ.
فَعِنْدَهُمُ التَّصَرُّفُ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ مَوْجُودٌ عِنْدَ التَّكَلُّمِ بِالصِّيغَةِ، غَيْرَ أَنَّ حُكْمَهُ لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِلاَّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.
وَبِنَاءً عَلَى هَذَا: مَنْ قَال لاِمْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَعَ الطَّلاَقُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ مَعَهُمْ؛ لأَِنَّ الشَّرْطَ لِصِحَّةِ الطَّلاَقِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَحَلًّا لِلطَّلاَقِ عِنْدَ وُجُودِهِ، وَالطَّلاَقُ الْمُعَلَّقُ لاَ يُوجَدُ فِي رَأْيِهِمْ إِلاَّ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ، وَعِنْدَ تَحْقِيقِ الشَّرْطِ تَكُونُ الْمَرْأَةُ مَحَلًّا لِلطَّلاَقِ، إِذْ هِيَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ زَوْجَةٌ، فَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلاَقُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: لاَ يَقَعُ الطَّلاَقُ؛ لأَِنَّ الطَّلاَقَ الْمُعَلَّقَ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِحُكْمِهِ عِنْدَ التَّكَلُّمِ بِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً، فَلَمْ تَتَحَقَّقِ الْمَحَلِّيَّةُ الَّتِي هِيَ شَرْطُ وُقُوعِ الطَّلاَقِ، فَلاَ يَقَعُ الطَّلاَقُ. وَأَنَّ الإِْيلاَءَ كَالطَّلاَقِ فِي هَذَا الْحُكْمِ (1) .

ج - مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُولِي:
13 - يُشْتَرَطُ فِي الرَّجُل لِكَيْ يَكُونَ إِيلاَؤُهُ صَحِيحًا مَا يَأْتِي:
أَوَّلاً: الْبُلُوغُ، بِظُهُورِ الْعَلاَمَاتِ الطَّبِيعِيَّةِ أَوْ بِالسِّنِّ، فَإِيلاَءُ الصَّبِيِّ لاَ يَنْعَقِدُ (2) (ر: مُصْطَلَحُ: بُلُوغٍ) .
ثَانِيًا: الْعَقْل، فَلاَ يَصِحُّ الإِْيلاَءُ مِنَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لاَ يَعْقِل، وَلاَ مِنَ الْمَعْتُوهِ؛ لأَِنَّ الْمَعْتُوهَ
__________
(1) التحرير مع شرح التيسير 1 / 178 وما بعدها.
(2) البدائع 3 / 100، والخرشي 3 / 229، ومغني المحتاج 3 / 343، والمغني لابن قدامة 7 / 314.
قَدْ لاَ يَكُونُ عِنْدَهُ إِدْرَاكٌ وَلاَ تَمْيِيزٌ فَيَكُونُ كَالْمَجْنُونِ، وَقَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ إِدْرَاكٌ وَتَمْيِيزٌ وَلَكِنَّهُ لاَ يَصِل إِلَى دَرَجَةِ الإِْدْرَاكِ عِنْدَ الرَّاشِدِينَ الْعَادِيِّينَ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ لاَ يَصِحُّ مِنْهُ الإِْيلاَءُ، فَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ (1) .
وَمِثْل الْمَجْنُونِ فِي الْحُكْمِ الأَْشْخَاصُ التَّالِي ذِكْرُهُمُ:
(1) الْمَدْهُوشُ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَرَتْهُ حَالَةُ انْفِعَالٍ لاَ يَدْرِي فِيهَا مَا يَقُول أَوْ يَفْعَل، أَوْ يَصِل بِهِ الاِنْفِعَال إِلَى دَرَجَةٍ يَغْلِبُ مَعَهَا الْخَلَل فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ.
فَإِذَا صَدَرَ الإِْيلاَءُ مِنَ الزَّوْجِ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَال لاَ يُعْتَبَرُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُهُ وَيُرِيدُهُ؛ لأَِنَّ هَذَا الْعِلْمَ وَهَذِهِ الإِْرَادَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ؛ لِعَدَمِ حُصُولِهِمَا عَنْ إِدْرَاكٍ صَحِيحٍ، كَمَا لاَ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ (2) .
(2) الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ، فَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْمَجْنُونِ، وَمِثْلُهُ النَّائِمُ؛ لأَِنَّهُ لاَ إِدْرَاكَ عِنْدَهُ وَلاَ وَعْيَ، فَلاَ يُعْتَدُّ بِالإِْيلاَءِ الَّذِي يَصْدُرُ عَنْهُ كَمَا لاَ يُعْتَدُّ بِطَلاَقِهِ.
(3) السَّكْرَانُ، وَهُوَ الَّذِي صَارَ عَقْلُهُ مَغْلُوبًا مِنْ تَأْثِيرِ الْمُسْكِرِ، حَتَّى صَارَ يَهْذِي وَيَخْلِطُ فِي كَلاَمِهِ، وَلاَ يَعِي بَعْدَ إِفَاقَتِهِ مَا كَانَ مِنْهُ فِي حَال سُكْرِهِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ إِيلاَءَ السَّكْرَانِ لاَ يُعْتَبَرُ إِذَا كَانَ سُكْرُهُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ، كَمَا لَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لِلضَّرُورَةِ، أَوْ تَحْتَ ضَغْطِ الإِْكْرَاهِ؛ لأَِنَّ السَّكْرَانَ لاَ وَعْيَ عِنْدَهُ وَلاَ إِدْرَاكَ كَالْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ، بَل أَشَدُّ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 659، والمغني لابن قدامة 7 / 314.
(2) البدائع 3 / 100، وحاشية ابن عابدين 2 / 659.

الصفحة 229