كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

وَفِي اعْتِبَارِ الإِْيمَاءِ بِالرَّأْسِ وَنَحْوِهِ فِي الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ مِنَ النَّاطِقِ وَالأَْخْرَسِ وَالْمُعْتَقَل لِسَانُهُ تَفْصِيلٌ (1) (ر: إِشَارَةٌ. وَعَقْدٌ، وَطَلاَقٌ) .
وَفِي مُفْسِدَاتِ الصَّلاَةِ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال عِنْدَ بَعْضِ الأَْئِمَّةِ (ر: مُفْسِدَاتُ الصَّلاَةِ) .

ثَانِيًا: عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
6 - الإِْيمَاءُ عِنْدَ أَكْثَرِ الأُْصُولِيِّينَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنْطُوقِ (2) . لَكِنَّهُ غَيْرُ صَرِيحٍ. وَيَذْكُرُونَهُ فِي الدَّلاَلاَتِ مِنْ مَبَاحِثِ الأَْلْفَاظِ، وَمَسَالِكُ الْعِلَّةِ مِنْ مَبَاحِثِ الْقِيَاسِ.

أَنْوَاعُ الإِْيمَاءِ:
7 - أَنْوَاعُ الإِْيمَاءِ كَثِيرَةٌ، حَتَّى قَال الْغَزَالِيُّ: وُجُوهُ التَّنْبِيهِ لاَ تَنْضَبِطُ إِلاَّ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا الأَْنْوَاعَ التَّالِيَةَ:
أ - أَنْ يَقَعَ الْحُكْمُ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ. وَمِثَالُهُ قَوْل الرَّجُل الأَْنْصَارِيِّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاقَعْتُ أَهْلِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. فَقَال: أَعْتِقْ رَقَبَةً (3) فَإِنَّهُ يَدُل عَلَى أَنَّ الْوِقَاعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عِلَّةٌ لِلإِْعْتَاقِ. وَوَجْهُ فَهْمِ التَّعْلِيل هُنَا: أَنَّ غَرَضَ الأَْنْصَارِيِّ مَعْرِفَةُ حُكْمِ مَا فَعَل، وَمَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابٌ لَهُ لِيَحْصُل غَرَضُهُ، فَصَارَ الْجَوَابُ مُقَدَّرًا فِيهِ السُّؤَال، كَأَنَّهُ قَال: كَفِّرْ لأَِنَّكَ وَاقَعْتَ. وَهُوَ لَوْ صَرَّحَ بِحَرْفِ التَّعْلِيل بِقَوْلِهِ: كَفِّرْ لأَِنَّكَ وَاقَعْتَ، لَمْ يَكُنْ مُومِئًا لِلْعِلِّيَّةِ، بَل يَكُونُ مُصَرَّحًا بِهَا.
__________
(1) انظر مثلا ابن عابدين 4 / 452، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 312، وتفسير القرطبي 4 / 81.
(2) دلالة الإيماء التزامية، والالتزام من المنطوق. وبعض الشافعية ومنهم صاحب المنهاج أدرجوه في المفهوم (شرح مسلم الثبوت 1 / 413، والبناني على جمع الجوامع 2 / 266) .
(3) حديث: " أعتق رقبة " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 552 - ط السلفية) .
وَقَدْ يَجْتَمِعُ التَّصْرِيحُ بِالْعِلَّةِ وَالإِْيمَاءِ بِهَا، وَمِثَالُهُ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَال: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: فَلاَ، إِذَنْ (1) فَإِنَّ " إِذَنْ " صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيل.
وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ " إِذَنْ " لَفُهِمَ التَّعْلِيل مِنَ الْقَرِينَةِ، فَاجْتَمَعَا.
ب - أَنْ يَقْتَرِنَ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ بِالْحُكْمِ فِي كَلاَمِ الْمُتَكَلِّمِ: وَمِثَالُهُ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِرَّةِ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ (2) ، فَأَفْهَمَ أَنَّ عِلَّةَ طَهَارَتِهَا الطَّوَافُ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْوَصْفُ عِلَّةً لَكَانَ لَغْوًا، أَوْ - عَلَى تَعْبِيرِ بَعْضِ الأُْصُولِيِّينَ - لَكَانَ بَعِيدًا جِدًّا، فَيُحْمَل الْوَصْفُ عَلَى التَّعْلِيل، صِيَانَةً لِكَلاَمِ الشَّارِعِ عَنِ اللَّغْوِ وَالْعَبَثِ (3) .
ج - وَمِنْهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ حُكْمَيْنِ بِوَصْفَيْنِ، فَيُعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا عِلَّةٌ لأَِحَدِ الْحُكْمَيْنِ، وَالآْخَرَ عِلَّةٌ لِلآْخَرِ.
وَالتَّفْرِيقُ يَكُونُ بِطُرُقٍ:
(1) إِمَّا بِصِيغَةِ صِفَةٍ. مِثْل حَدِيثِ لِلْفَارِسِ
__________
(1) حديث: " أينقص الرطب إذا يبس. . . " أخرجه أبو داود (3 / 657 - ط عزت عبيد دعاس) وصححه ابن المديني والترمذي وغيرهما. (بلوغ المرام لابن حجر ص 193 - ط عبد الحميد أحمد حنفي) .
(2) حديث: " إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم " أخرجه أبو داود (1 / 60 - ط عزت عبيد دعاس) والترمذي (1 / 154 - ط الحلبي) وصححه البخاري والعقيلي. (التلخيص لابن حجر 1 / 41 - ط دار المحاسن)
(3) الاحتمال البعيد الذي يصان عنه كلام الشارع في مثل هذا، يقع مثله في الكلام. كما لو قال الولد لأبيه طلعت الشمس. فقال له: اسقني ماء. فليس طلوع الشمس سببا لسقي الماء بل هو كلام منقطع عن الأول. (المستصفى) .

الصفحة 243