كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

أَيْمَانٌ

التَّعْرِيفُ:
1 - الأَْيْمَانُ: جَمْعُ يَمِينٍ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَتُذَكَّرُ. وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى (أَيْمُنٍ) وَمِنْ مَعَانِي الْيَمِينِ لُغَةً: الْقُوَّةُ وَالْقَسَمُ، وَالْبَرَكَةُ، وَالْيَدُ الْيُمْنَى، وَالْجِهَةُ الْيُمْنَى.
وَيُقَابِلُهَا: الْيَسَارُ، بِمَعْنَى: الْيَدِ الْيُسْرَى، وَالْجِهَةِ الْيُسْرَى (1) .
أَمَّا فِي الشَّرْعِ، فَقَدْ عَرَّفَهَا صَاحِبُ غَايَةِ الْمُنْتَهَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِأَنَّهَا: تَوْكِيدُ حُكْمٍ بِذِكْرِ مُعَظَّمٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.
وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْرِيفِ تَخْصِيصُ الْيَمِينِ بِالْقَسَمِ، لَكِنْ يُسْتَفَادُ مِنْ كَلاَمِ الْحَنَابِلَةِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كُتُبِهِمْ تَسْمِيَةُ التَّعْلِيقَاتِ السِّتَّةِ أَيْمَانًا، وَهِيَ تَعْلِيقُ الْكُفْرِ وَالطَّلاَقِ وَالظِّهَارِ وَالْحَرَامِ وَالْعِتْقِ وَالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ، وَقَرَّرَ ذَلِكَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى (2) .

حِكْمَةُ التَّشْرِيعِ:
2 - مِنْ أَسَالِيبِ التَّأْكِيدِ الْمُتَعَارِفَةِ فِي جَمِيعِ الْعُصُورِ أُسْلُوبُ التَّأْكِيدِ بِالْيَمِينِ، إِمَّا لِحَمْل الْمُخَاطَبِ عَلَى
__________
(1) المصباح المنير مادة: " يمين ".
(2) ابن عابدين 3 / 45، وفتح القدير 4 / 3، والدسوقي 2 / 126، وتحفة المحتاج 8 / 164، والأم 7 / 62، ومطالب أولي النهى 6 / 357، 358، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 74، ومجموع الفتاوى لابن تيمية 35 / 243.
الثِّقَةِ بِكَلاَمِ الْحَالِفِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ فِيهِ إِنْ كَانَ خَبَرًا، وَلاَ يَخْلُفُهُ إِنْ كَانَ وَعْدًا أَوْ وَعِيدًا أَوْ نَحْوَهُمَا، وَإِمَّا لِتَقْوِيَةِ عَزْمِ الْحَالِفِ نَفْسِهِ عَلَى فِعْل شَيْءٍ يَخْشَى إِحْجَامَهَا عَنْهُ، أَوْ تَرْكِ شَيْءٍ يُخْشَى إِقْدَامُهَا عَلَيْهِ، وَإِمَّا لِتَقْوِيَةِ الطَّلَبِ مِنَ الْمُخَاطَبِ أَوْ غَيْرِهِ وَحَثِّهِ عَلَى فِعْل شَيْءٍ أَوْ مَنْعِهِ عَنْهُ.
فَالْغَايَةُ الْعَامَّةُ لِلْيَمِينِ قَصْدُ تَوْكِيدِ الْخَبَرِ ثُبُوتًا أَوْ نَفْيًا.

تَقْسِيمَاتُ الْيَمِينِ
(أَوَّلاً) تَقْسِيمُ الْيَمِينِ بِحَسَبِ غَايَتِهَا الْعَامَّةِ
تَنْقَسِمُ الْيَمِينُ بِحَسَبِ غَايَتِهَا الْعَامَّةِ إِلَى قِسْمَيْنِ:
3 - الْقِسْمُ الأَْوَّل: الْيَمِينُ الْمُؤَكِّدَةُ لِلْخَبَرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَاضِيًا أَمْ حَاضِرًا أَمْ مُسْتَقْبَلاً، وَسَوَاءٌ أَكَانَ إِثْبَاتًا أَمْ نَفْيًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ أَمْ مُخَالِفًا.
وَالْيَمِينُ عَلَى مَا طَابَقَ الْوَاقِعَ تُسَمَّى (الْيَمِينُ الصَّادِقَةُ) كَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُل بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ} (1) فَهَذَا أَمْرٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِفَ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَل عَلَى أَنَّهُمْ سَيُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يُحَاسَبُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ.
وَالْيَمِينُ عَلَى مَا خَالَفَ الْوَاقِعَ إِنْ كَانَ الْحَالِفُ بِهَا كَاذِبًا عَمْدًا تُسَمَّى (الْيَمِينُ الْغَمُوسُ) لأَِنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الإِْثْمِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل عَنِ الْمُنَافِقِينَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا:
__________
(1) سورة التغابن / 7.

الصفحة 245