كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

الْخَافِضِ، أَمْ ضَمَّهَا عَلَى سَبِيل الرَّفْعِ بِالاِبْتِدَاءِ، وَيَكُونُ الْخَبَرُ مَحْذُوفًا وَتَقْدِيرُهُ: قَسَمِي أَوْ أُقْسِمُ بِهِ، أَمْ سَكَّنَهَا إِجْرَاءً لِلْوَصْل مَجْرَى الْوَقْفِ.
وَبَقَاءُ الْجَرِّ عِنْدَ حَذْفِ الْحَرْفِ خَاصٌّ بِلَفْظِ الْجَلاَلَةِ، فَلاَ يَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يُقَال: الرَّحْمَنِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا بِكَسْرِ النُّونِ. كَذَا قِيل. لَكِنِ الرَّاجِحُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً، وَأَيًّا مَا كَانَ فَاللَّحْنُ لاَ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ.
هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال: اللَّهِ، بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ. لَمْ يَكُنْ يَمِينًا إِلاَّ بِالنِّيَّةِ، سَوَاءٌ جَرَّ الاِسْمَ أَمْ نَصَبَهُ أَمْ رَفَعَهُ أَمْ سَكَنَّهُ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَصِحُّ قَسَمٌ بِغَيْرِ حُرُوفِهِ، نَحْوَ: اللَّهِ لأََفْعَلَنَّ، جَرًّا وَنَصْبًا. فَإِنْ رُفِعَ فَيَمِينٌ أَيْضًا إِلاَّ إِذَا كَانَ الرَّافِعُ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ وَلَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ، فَلاَ يَكُونُ يَمِينًا لأَِنَّهُ إِمَّا مُبْتَدَأٌ أَوْ مَعْطُوفٌ (1) بِخِلاَفِ مَنْ لاَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ، فَلَوْ رَفَعَ كَانَ يَمِينًا لأَِنَّ اللَّحْنَ لاَ يَضُرُّ. (2)

ج - اللَّفْظُ الدَّال عَلَى الْمُقْسَمِ بِهِ:
26 - اللَّفْظُ الدَّال عَلَى الْمُقْسَمِ بِهِ: هُوَ مَا دَخَل عَلَيْهِ حَرْفُ الْقَسَمِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةً لَهُ.
وَالْمَقْصُودُ بِالاِسْمِ: مَا دَل عَلَى الذَّاتِ الْمُتَّصِفَةِ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَال، وَهُوَ لَفْظُ الْجَلاَلَةِ (اللَّهُ)
__________
(1) لعله يريد أنه خبر والمبتدأ محذوف.
(2) البدائع 3 / 5، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 59، والشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 328، ونهاية المحتاج 8 / 168، ومطالب أولي النهى 6 / 362.
وَكَذَلِكَ تَرْجَمَتُهُ بِجَمِيعِ اللُّغَاتِ، أَوْ عَلَى الذَّاتِ الْمُتَّصِفَةِ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى، سَوَاءٌ أَكَانَ مُخْتَصًّا بِهِ كَالرَّحْمَنِ، وَرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَالِقِ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ، وَالأَْوَّل بِلاَ بِدَايَةٍ، وَالآْخِرِ بِلاَ نِهَايَةٍ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، وَالَّذِي بَعَثَ الأَْنْبِيَاءَ بِالْحَقِّ، وَمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. أَمْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَالرَّحِيمِ وَالْعَظِيمِ وَالْقَادِرِ وَالرَّبِّ وَالْمَوْلَى وَالرَّازِقِ وَالْخَالِقِ وَالْقَوِيِّ وَالسَّيِّدِ، فَهَذِهِ الأَْسْمَاءُ قَدْ تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى، قَال تَعَالَى فِي وَصْفِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (1) وَقَال عَزَّ وَجَل فِي حِكَايَةِ مَا قَالَهُ الْهُدْهُدُ لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَصْفًا لِمَلَكَةِ سَبَأٍ {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} (2) . وَقَال سُبْحَانَهُ فِي وَصْفِ أَهْل الْحَدِيقَةِ الَّذِينَ عَزَمُوا عَلَى الْبُخْل بِثَمَرِهَا {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} (3) وَمَعْنَى الْحَرْدِ: الْمَنْعُ، وَالْمُرَادُ مَنْعُ الْمَسَاكِينِ، وَقَال تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قَوْل يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لأَِحَدِ صَاحِبَيْهِ فِي السِّجْنِ: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} (4) وَقَال عَزَّ وَجَل مُخَاطِبًا لِزَوْجَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيل وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} (5) وَقَال جَل شَأْنُهُ مُخَاطِبًا لِمَنْ يَقْسِمُونَ الْمِيرَاثَ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} (6)
وَقَال سُبْحَانَهُ مُخَاطِبًا لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ {وَإِذْ
__________
(1) سورة التوبة / 128.
(2) سورة النمل / 23.
(3) سورة القلم / 25.
(4) سورة يوسف / 43.
(5) سورة التحريم / 4.
(6) سورة النساء / 8

الصفحة 254