كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

بِالنِّيَّةِ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ الأَْرْجَحُ: أَنَّهُ يَمِينٌ بِغَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى النِّيَّةِ. (1)

هـ - عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ، أَوْ مِيثَاقُهُ، أَوْ ذِمَّتُهُ:
40 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا قِيل: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ أَوْ ذِمَّةُ اللَّهِ أَوْ مِيثَاقُ اللَّهِ لاَ أَفْعَل كَذَا مَثَلاً، فَهَذِهِ الصِّيَغُ مِنَ الأَْيْمَانِ؛ لأَِنَّ الْيَمِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى هِيَ عَهْدُ اللَّهِ عَلَى تَحْقِيقِ الشَّيْءِ أَوْ نَفْيِهِ، قَال تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاَ تَنْقُضُوا الأَْيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} (2) فَجَعَل الْعَهْدَ يَمِينًا، وَالذِّمَّةُ هِيَ الْعَهْدُ، وَمِنْ ذَلِكَ تَسْمِيَةُ الَّذِينَ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ مِنَ الْكُفَّارِ: بِأَهْل الذِّمَّةِ، أَيْ أَهْل الْعَهْدِ، وَالْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ مِنَ الأَْسْمَاءِ الْمُتَرَادِفَةِ، وَإِذَنْ فَالْكَلاَمُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَالتَّقْدِيرُ: عَلَيَّ مُوجِبُ عَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَذِمَّتِهِ.
فَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ لَمْ يَذْكُرِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ فِي " عَلَيَّ يَمِينٌ " (3) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: مِنْ صِيَغِ الْيَمِينِ الصَّرِيحَةِ: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ لاَ أَفْعَل، أَوْ لأََفْعَلَنَّ كَذَا مَثَلاً فَتَجِبُ بِالْحِنْثِ كَفَّارَةٌ إِذَا نَوَى الْيَمِينَ، أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ بَل أُرِيدَ بِالْعَهْدِ التَّكَالِيفُ الَّتِي عَهِدَ بِهَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْعِبَادِ لَمْ تَكُنْ يَمِينًا.
وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ: أَنَّ قَوْل الْقَائِل: أُعَاهِدُ اللَّهَ، لَيْسَ بِيَمِينٍ عَلَى الأَْصَحِّ؛ لأَِنَّ الْمُعَاهَدَةَ مِنْ صِفَاتِ
__________
(1) البدائع 3 / 9، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 55، وأقرب المسالك 1 / 332 - 333، ونهاية المحتاج 8 / 209، والإنصاف 11 / 38، ومطالب أولي النهى 6 / 374.
(2) سورة النحل / 91.
(3) البدائع 3 / 9، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 55.
الإِْنْسَانِ لاَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، أَوْ أُعْطِيكَ عَهْدًا.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مِنْ كِنَايَاتِ الْيَمِينِ: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ أَوْ مِيثَاقُهُ أَوْ ذِمَّتُهُ أَوْ أَمَانَتُهُ أَوْ كَفَالَتُهُ لأََفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لاَ أَفْعَل كَذَا، فَلاَ تَكُونُ يَمِينًا إِلاَّ بِالنِّيَّةِ؛ لأَِنَّهَا تَحْتَمِل غَيْرَ الْيَمِينِ احْتِمَالاً ظَاهِرًا. (1)

و عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ:
41 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْقَائِل: عَلَيَّ يَمِينٌ، مَقْصُودُهُ: عَلَيَّ مُوجِبُ يَمِينٍ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ.
فَلَوْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ قَال: عَلَيَّ يَمِينٌ، وَقَدْ سَبَقَ (ر: ف 39) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: قَوْل الْقَائِل: عَلَيَّ كَفَّارَةٌ، كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ نَذْرٌ، وَلَهُ صِيَغٌ أَرْبَعٌ كَصِيَغِ النَّذْرِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، حُكْمُهُ هُوَ هَذَا الْحُكْمُ بِعَيْنِهِ (ر: ف 39) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مِنْ حِينِ النُّطْقِ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ عَلَّقَ بِالشِّفَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُحِبُّهُ، أَوْ بِتَكْلِيمِ زَيْدٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَكْرَهُهُ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِحُصُول الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. (2)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ قَال: عَلَيَّ يَمِينٌ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، ثُمَّ فَعَلَهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا سَبَقَ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
__________
(1) الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 329، 330، ومطالب أولي النهى 6 / 374، ونهاية المحتاج 8 / 169.
(2) المراجع السابقة، ونهاية المحتاج 8 / 208.

الصفحة 260