كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

مَعْرِفَتِهِ بِهَا، وَلاَ عَلَى مَنْ أُكْرِهَ عَلَى فِعْل مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلاَقَ. وَنُدِبَ أَوْ وَجَبَ الْحَلِفُ لِيَسْلَمَ الْغَيْرُ مِنَ الْقَتْل بِحَلِفِهِ وَإِنْ حَنِثَ هُوَ، وَذَلِكَ فِيمَا إِذَا قَال ظَالِمٌ: إِنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَكَ، أَوْ إِنْ لَمْ تَحْلِفْ بِالطَّلاَقِ قَتَلْتُ فُلاَنًا، قَال ابْنُ رُشْدٍ: إِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ، أَيْ لاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَلاَ ضَمَانَ، وَمِثْل الطَّلاَقِ: النِّكَاحُ وَالإِْقْرَارُ وَالْيَمِينُ. (1)
(ب) قَال النَّوَوِيُّ: الْكَذِبُ وَاجِبٌ إِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ وَاجِبًا، فَإِذَا اخْتَفَى مُسْلِمٌ مِنْ ظَالِمٍ، وَسَأَل عَنْهُ وَجَبَ الْكَذِبُ بِإِخْفَائِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ وَدِيعَةٌ، وَسَأَل عَنْهَا ظَالِمٌ يُرِيدُ أَخْذَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَذِبُ بِإِخْفَائِهَا، حَتَّى لَوْ أَخْبَرَهُ بِوَدِيعَةٍ عِنْدَهُ فَأَخَذَهَا الظَّالِمُ قَهْرًا وَجَبَ ضَمَانُهَا عَلَى الْمُودِعِ الْمُخْبِرِ، وَلَوِ اسْتَحْلَفَهُ عَلَيْهَا لَزِمَهُ أَنْ يَحْلِفَ، وَيُوَرِّيَ فِي يَمِينِهِ، فَإِنْ حَلَفَ وَلَمْ يُوَرِّ حَنِثَ عَلَى الأَْصْل وَقِيل: لاَ يَحْنَثُ. (2)
(ج) وَقَال مُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدَامَةَ: مِنَ الأَْيْمَانِ مَا هِيَ وَاجِبَةٌ، وَهِيَ الَّتِي يُنَجِّي بِهَا إِنْسَانًا مَعْصُومًا مِنْ هَلَكَةٍ، كَمَا رُوِيَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَال: خَرَجْنَا نُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَنَا وَائِل بْنُ حُجْرٍ، فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ، فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا، فَحَلَفْتُ أَنَا: أَنَّهُ أَخِي، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقْتَ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ (3) فَهَذَا وَمِثْلُهُ
__________
(1) الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 450 - 451.
(2) الأذكار للنووي ص 336 - 337.
(3) حديث: " صدقت، المسلم أخو المسلم " أخرجه أبو داود (3 / 73) ط عزت عبيد دعاس، وأخرجه الحاكم (4 / 300) ط دار الكتاب العربي وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وَاجِبٌ؛ لأَِنَّ إِنْجَاءَ الْمَعْصُومِ وَاجِبٌ، وَقَدْ تَعَيَّنَ فِي الْيَمِينِ فَيَجِبُ، وَكَذَلِكَ إِنْجَاءُ نَفْسِهِ، مِثْل: أَنْ تَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ فِي دَعْوَى الْقَتْل عَلَيْهِ وَهُوَ بَرِيءٌ (1)

الْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى تَمَامِهَا:
112 - فِي الْحُكْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى تَمَامِ الْغَمُوسِ ثَلاَثَةُ آرَاءٍ.
الرَّأْيُ الأَْوَّل: أَنَّهَا لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَلَى مَاضٍ أَمْ حَاضِرٍ، وَكُل مَا يَجِبُ إِنَّمَا هُوَ التَّوْبَةُ، وَرَدُّ الْحُقُوقِ إِلَى أَهْلِهَا إِنْ كَانَ هُنَاكَ حُقُوقٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. (2)
الرَّأْيُ الثَّانِي: أَنَّ فِيهَا الْكَفَّارَةَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، (3) وَيُلاَحَظُ أَنَّهُمْ فِي تَعْرِيفِ الْغَمُوسِ خَصُّوهَا بِالْمَاضِي، لَكِنْ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ إِيجَابَ الْكَفَّارَةِ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْمَاضِي يَسْتَلْزِمُ إِيجَابَهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَل؛ لأَِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ كُل مَا عَدَا اللَّغْوَ مَعْقُودٌ.
الرَّأْيُ الثَّالِثُ: التَّفْصِيل، وَقَدْ أَوْضَحَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِنَاءً عَلَى تَوَسُّعِهِمْ فِي مَعْنَاهَا، فَقَالُوا: مَنْ حَلَفَ عَلَى مَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ فِيهِ أَوْ مُعْتَقِدٌ خِلاَفَهُ فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مَاضِيًا، سَوَاءٌ أَكَانَ مُوَافِقًا لِلْوَاقِعِ أَمْ مُخَالِفًا، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إِنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ مُسْتَقْبَلاً وَكَانَ فِي الْحَالَيْنِ مُخَالِفًا لِلْوَاقِعِ. (4)
وَإِلَى التَّفْصِيل ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا، حَيْثُ
__________
(1) المغني على الشرح الكبير 11 / 166 - 167.
(2) فتح القدير 4 / 3.
(3) أسنى المطالب 4 / 240 - 241.
(4) الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 330 - 331.

الصفحة 288