كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

نَهَى عَنِ الأَْكْل مِنَ النُّسُكِ فَوْقَ ثَلاَثٍ (1) وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ مَشْرُوعًا فِي وَقْتٍ يَحْرُمُ فِيهِ الأَْكْل، ثُمَّ نُسِخَ تَحْرِيمُ الأَْكْل وَبَقِيَ وَقْتُ الذَّبْحِ بِحَالِهِ.
وَقَدْ وَرَدَ عَنْ بَعْضِ أَهْل الْمَدِينَةِ إِجَازَةُ الأُْضْحِيَّةِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَبْقَى وَقْتُ ذَبْحِ الأُْضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ، كَمَا قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُل أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ (2) وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَال: النَّحْرُ يَوْمَ الأَْضْحَى وَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (3) .

ج - الإِْحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:
8 - يُكْرَهُ الإِْحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لِمَا رَوَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ (4) :
__________
(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأكل من النسك فوق ثلاث " أخرجه البخاري من حديث سلمة بن الأكوع مرفوعا بلفظ: " من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وبقي في بيته من شيء. فلما كان العام المقبل، قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا العام الماضي؟ قال
(2) حديث: " كل أيام التشريق ذبح. . . ". (سبق تخريجه ف / 4) .
(3) المغني 3 / 432، والبدائع 2 / 174، 5 / 65، والدسوقي 2 / 86، 120، والكافي 1 / 404، والمجموع 8 / 380، 390 والمهذب 1 / 244.
(4) الأثر عن السيدة عائشة: " وقت العمرة السنة كلها إلا يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ". أخرجه البيهقي موقوفا بلفظ: " حلت العمرة في السنة كلها إلا في أربعة أيام: يوم عرفة، ويوم النحر، ويومان بعد ذلك. . ". (السنن الكبرى للبيهقي 4 / 346) .
وَقْتُ الْعُمْرَةِ السَّنَةُ كُلُّهَا، إِلاَّ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ (1) وَمِثْل هَذَا لاَ يُعْرَفُ إِلاَّ بِالتَّوْقِيفِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الإِْحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلاَ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ النَّهْيِ عَنْهُ (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِذَا أَهَل بِعُمْرَةٍ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَزِمَتْهُ، وَيَقْطَعُهَا؛ لأَِنَّهُ قَدْ أَدَّى رُكْنَ الْحَجِّ مِنْ كُل وَجْهٍ، وَالْعُمْرَةُ مَكْرُوهَةٌ فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ، فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ قَطْعُهَا، فَإِنْ رَفَضَهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ لِقَطْعِهَا، وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا، وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ؛ لأَِنَّ الْكَرَاهَةَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا، وَهُوَ كَوْنُهُ مَشْغُولاً فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ بِأَدَاءِ بَقِيَّةِ أَعْمَال الْحَجِّ، فَيَجِبُ تَخْلِيصُ الْوَقْتِ لَهُ تَعْظِيمًا، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا (3) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ الإِْحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنَ السَّنَةِ، إِلاَّ لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ مُفْرِدًا، فَيُمْنَعُ إِحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ - وَلاَ يَنْعَقِدُ، وَلاَ يَجِبُ قَضَاؤُهَا - إِلَى أَنْ يَتَحَلَّل مِنْ جَمِيعِ أَفْعَال الْحَجِّ، وَذَلِكَ بِرَمْيِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّل، وَمُضِيِّ قَدْرِهِ لِمَنْ تَعَجَّل، وَهُوَ قَدْرُ زَمَنِهِ عَقِبَ زَوَال الرَّابِعِ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْل غُرُوبِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ صَحَّ إِحْرَامُهُ، لَكِنْ لاَ يَفْعَل شَيْئًا مِنْ أَفْعَال الْعُمْرَةِ إِلاَّ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنْ فَعَل قَبْلَهُ شَيْئًا فَلاَ يُعْتَدُّ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ (4) .
__________
(1) بدائع الصنائع 2 / 227.
(2) منتهى الإرادات 2 / 72، والمهذب 1 / 207.
(3) الهداية 1 / 179 - 180.
(4) منح الجليل 1 / 456، والدسوقي 2 / 22.

الصفحة 322