كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَيَرْمُونَهُ فِي أَحَدِهِمَا (1) قَال مَالِكٌ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَال: فِي يَوْمٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفَرِ. وَالْمَرِيضُ، وَمَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ، كَغَيْرِهِ مِنَ السُّقَاةِ وَالرُّعَاةِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لِضَرُورَةٍ، كَخَوْفِهِ عَلَى مَتَاعِهِ عَلَيْهِ هَدْيٌ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٍّ، وَرَمْيٍ) .

ح - التَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:
13 - التَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَشْرُوعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (3) ، وَالْمُرَادُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، عَدَا أَبَا حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لاَ تَكْبِيرَ عِنْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَمَعَ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي حُكْمِهِ، فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ سُنَّةٌ لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ.
وَهُوَ مَنْدُوبٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ؛ لِلأَْمْرِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} .
كَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ التَّكْبِيرِ، فَبِالنِّسْبَةِ لِلْبَدْءِ فَإِنَّهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ يَكُونُ قَبْل بِدَايَةِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي كَوْنِهِ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ
__________
(1) حديث مالك: " رخص النبي صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح (تحفة الأحوذي 4 / 29 ط السلفية) .
(2) منح الجليل 1 / 495، والكافي 1 / 376، ومنتهى الإرادات 2 / 67، والمهذب 1 / 238، وبدائع الصنائع 2 / 159.
(3) سورة البقرة / 203.
النَّحْرِ كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، أَوْ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ كَمَا يَقُول الْحَنَابِلَةُ وَعُلَمَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْخَتْمِ فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ يَكُونُ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ يَكُونُ إِلَى صُبْحِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَقَال ابْنُ بَشِيرٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: يَكُونُ إِلَى ظُهْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَالتَّكْبِيرُ فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ يَكُونُ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، وَلاَ يَكُونُ بَعْدَ النَّافِلَةِ، إِلاَّ فِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ.
وَمَا فَاتَ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقُضِيَ فِيهَا فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ خَلْفَهَا، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
أَمَّا إِنْ قَضَى فِي غَيْرِهَا فَلاَ يُكَبِّرُ خَلْفَهَا بِاتِّفَاقٍ.
وَمَا فَاتَ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقُضِيَ فِيهَا، فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُكَبِّرُ خَلْفَهَا.
وَلاَ تَكْبِيرَ خَلْفَ مَقْضِيَّةٍ مُطْلَقًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ هُوَ أَنْ يَقُول: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ يُكَبِّرُ ثَلاَثًا فِي الأَْوَّل (1) .
وَفِي مَوْضُوعِ التَّكْبِيرِ تَفْصِيلاَتٌ أُخْرَى تُنْظَرُ فِي: (تَكْبِيرٍ - عِيدٍ) .
__________
(1) منتهى الإرادات 1 / 310، والمغني 2 / 393 - 397، والمهذب 1 / 128، ومنح الجليل 1 / 280 - 281، والدسوقي 1 / 401، والبدائع 1 / 197، وابن عابدين 1 / 588 ط ثالثة، والهداية 1 / 87.

الصفحة 325