كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 7)

الْمُشْتَرِي الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ صَحِيحًا، فَذَهَابُ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لاَ يَفْسَخُهُ؛ لإِِمْكَانِ تَبْعِيضِهِ مَعَ عَدَمِ إِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. (1)
ب - وَفِي الْقَوَاعِدِ لاِبْنِ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيِّ أَنَّهُ: إِذَا طَرَأَ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ بِعَيْنِهَا، كَرِدَّةٍ وَرَضَاعٍ اخْتَصَّتْ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ وَحْدَهَا بِغَيْرِ خِلاَفٍ. وَإِنْ طَرَأَ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لإِِحْدَاهُمَا مَزِيَّةٌ، بِأَنْ صَارَتَا أُمًّا وَبِنْتًا بِالاِرْتِضَاعِ، فَفِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ: أَصَحُّهُمَا يَخْتَصُّ الاِنْفِسَاخُ بِالأُْمِّ وَحْدَهَا إِذَا لَمْ يَدْخُل بِهِمَا؛ لأَِنَّ الاِسْتِدَامَةَ أَقْوَى مِنَ الاِبْتِدَاءِ، فَهُوَ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُمٍّ وَبِنْتٍ لَمْ يَدْخُل بِهِمَا، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نِكَاحُ الْبِنْتِ دُونَ الأُْمِّ. (2)
ج - سَبَقَ أَنَّ مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ انْفِسَاخُ عَقْدِ الإِْجَارَةِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا. فَإِذَا أَجَّرَ رَجُلاَنِ دَارًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْمُؤَجَّرَيْنِ فَإِنَّ الإِْجَارَةَ تَبْطُل (تَنْفَسِخُ) فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ، وَتَبْقَى بِالنِّسْبَةِ لِنَصِيبِ الْحَيِّ عَلَى حَالِهَا. وَكَذَا إِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ دَارَيْنِ فَسَقَطَتْ إِحْدَاهُمَا فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُمَا؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ تَفَرَّقَتْ، فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ. (3)
د - لَوْ بَاعَ دَابَّتَيْنِ فَتَلِفَتْ إِحْدَاهُمَا قَبْل قَبْضِهَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيمَا تَلِفَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. أَمَّا فِيمَا لَمْ يَتْلَفْ فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ يَنْفَسِخُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ، بَل يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ
__________
(1) ابن عابدين 4 / 201، والمغني 4 / 263.
(2) القواعد لابن رجب ص 424.
(3) البدائع 4 / 197، 222.
الْفَسْخِ وَالإِْجَازَةِ، فَإِنْ أَجَازَهُ فَبِحِصَّتِهِ مِنَ الْمُسَمَّى، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَيَنْفَسِخُ فِي الْجَمِيعِ عِنْدَهُمْ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (1)
هـ - لَوِ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ كُلُّهُ فِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ إِذَا كَانَ الْجُزْءُ الْمُسْتَحَقُّ هُوَ الأَْكْثَرُ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الْجُزْءِ الْمُسْتَحَقِّ وَحْدَهُ فِي قَوْلٍ آخَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا كَانَ الاِسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لاَ يَضُرُّ تَبْعِيضُهُ، كَمَا إِذَا اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ فَاسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ فِي الْكُل وَبَيْنَ الإِْمْضَاءِ فِي الْبَاقِي (2) عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (اسْتِحْقَاقٌ) .

آثَارُ الاِنْفِسَاخِ:
29 - آثَارُ الاِنْفِسَاخِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْعُقُودِ وَاخْتِلاَفِ أَسْبَابِ الاِنْفِسَاخِ، وَطَبِيعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهَل هُوَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ أَمْ طَرَأَ عَلَيْهِ التَّغْيِيرُ مِنَ الزِّيَادَةِ أَوِ النُّقْصَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَلاَ تَجْمَعُهَا قَوَاعِدُ كُلِّيَّةٌ وَأَحْكَامٌ شَامِلَةٌ؟ .
وَمَا أَجْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ بَعْضِ الآْثَارِ فِي أَنْوَاعٍ
__________
(1) القليوبي 1 / 188، والمنثور للزركشي 1 / 407، وكشف الأسرار للبزدوي 1 / 316.
(2) المغني 4 / 598، والأم للشافعي 3 / 224، وابن عابدين 4 / 201، وفتح القدير 5 / 513، والدسوقي 3 / 135، وتهذيب الفروق بهامش الفروق للقرافي 4 / 63.

الصفحة 37