كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 8)
لِلإِْجَارَةِ، لاَ تُمْلَكُ الأُْجْرَةُ وَيَجِبُ رَدُّهَا؛ لأَِنَّ أَخْذَهَا حَرَامٌ، وَتُعْتَبَرُ مِنْ أَكْل الأَْمْوَال بِالْبَاطِل. (1)
وَلاَ يُمْلَكُ الاِسْتِمْتَاعُ بِالْبُضْعِ وَالاِنْتِفَاعُ بِهِ فِي النِّكَاحِ الْبَاطِل. (2)
وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُل الْعُقُودِ الْبَاطِلَةِ عَلَى وَجْهِ الإِْجْمَال، مَعَ تَفْصِيلاَتٍ تُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهَا. لَكِنَّ وُجُودَ الْعَقْدِ الْبَاطِل كَصُورَةٍ قَدْ يُنْتِجُ أَثَرًا، وَذَلِكَ إِذَا حَدَثَ فِيهِ تَسْلِيمٌ وَامْتَنَعَ الرَّدُّ لِلْفَوَاتِ، فَهَل يَكُونُ فِيهِ الضَّمَانُ أَوْ لاَ يَكُونُ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
الضَّمَانُ:
26 - رَغْمَ أَنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ لاَ يُفَرِّقُونَ فِي قَوَاعِدِهِمُ الْعَامَّةِ بَيْنَ الْبَاطِل وَالْفَاسِدِ إِلاَّ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الأَْحْكَامِ نَجِدُ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا.
وَالضَّمَانُ مِمَّا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
فِي قَاعِدَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ كُل عَقْدٍ اقْتَضَى صَحِيحُهُ الضَّمَانَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ كَالْبَيْعِ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ يَقْتَضِي الضَّمَانَ، وَإِنِ اقْتَضَى صَحِيحُهُ عَدَمَ الضَّمَانِ كَالْقِرَاضِ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ لاَ يَقْتَضِي الضَّمَانَ.
لَكِنَّ عَدَمَ اقْتِضَاءِ الضَّمَانِ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا كَانَ
__________
(1) أشباه ابن نجيم ص 337، ومنتهى الإرادات 2 / 359، ومنح الجليل 3 / 778، وقليوبي 3 / 86.
(2) المغني 6 / 456، والبدائع 2 / 335، ومنح الجليل2 / 9.
الْقَبْضُ صَحِيحًا، بِأَنْ كَانَ الإِْذْنُ فِي قَبْضِهِ صَادِرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَيَكُونُ وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحِيحًا، وَحِينَئِذٍ فَلاَ ضَمَانَ مَعَ فَسَادِ الْقَبْضِ.
أَمَّا إِذَا لَمْ يُوجَدْ إِذْنٌ أَصْلاً، أَوْ صَدَرَ وَلَمْ يَكُنْ صَحِيحًا، لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، أَوْ فِي ظِل الإِْكْرَاهِ، فَإِنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ بَاطِلاً، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ صَحِيحُهُ لاَ ضَمَانَ فِيهِ، أَمْ كَانَ فِيهِ الضَّمَانُ.
جَاءَ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: فَاسِدُ كُل عَقْدٍ صَدَرَ مِنْ رَشِيدٍ كَصَحِيحِهِ، فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ إِنِ اقْتَضَى صَحِيحُهُ الضَّمَانَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ كَالْبَيْعِ وَالإِْعَارَةِ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى.
وَإِنِ اقْتَضَى صَحِيحُهُ عَدَمَ الضَّمَانِ كَالرَّهْنِ، وَالْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ ثَوَابٍ، وَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ لاَ يَقْتَضِي الضَّمَانَ. (1)
وَمِثْل ذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْجَمَل وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ. (2)
27 - وَاعْتِبَارُ عَدَمِ الضَّمَانِ مَعَ الْبُطْلاَنِ فِي عُقُودِ التَّصَرُّفَاتِ وَالأَْمَانَاتِ لِوُجُودِ الإِْذْنِ الصَّادِرِ مِنْ أَهْلِهِ، وَالضَّمَانِ إِنْ كَانَ الإِْذْنُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، هُوَ
__________
(1) نهاية المحتاج 5 / 228، 229، 4 / 274، 275، والجمل على المنهج 3 / 517، وأشباه السيوطي / 309 ط عيسى الحلبي، وأسنى المطالب 4 / 479، وشرح منتهى الإرادات 2 / 326، والمغني 4 / 425 و 5 / 73، والقواعد لابن رجب / 67 و 153
(2) الجمل على شرح المنهج 3 / 291.
الصفحة 120