كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 8)

أَيْضًا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ أَقْوَالِهِمْ، مَعَ الاِخْتِلاَفِ فِيمَنْ يُعْتَبَرُ أَهْلاً لِلإِْذْنِ، وَمَنْ لاَ يُعْتَبَرُ كَالسَّفِيهِ، وَمَعَ الاِخْتِلاَفِ أَيْضًا فِي الْعُقُودِ الْمَضْمُونَةِ فِي صَحِيحِهَا، أَوْ غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ كَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ. (1)
وَيَعْتَبِرُ أَبُو حَنِيفَةَ الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِل إِذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي أَمَانَةً، وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ هَلَكَ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ إِذَا بَطَل بَقِيَ مُجَرَّدُ الْقَبْضِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَهُوَ لاَ يُوجِبُ الضَّمَانَ إِلاَّ بِالتَّعَدِّي، وَالْقَائِلُونَ بِالضَّمَانِ يُعَلِّلُونَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ أَدْنَى مِنَ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ. (2)
وَيُفَرِّقُ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ بَيْنَ مَا قُبِضَ عَلَى جِهَةِ التَّمَلُّكِ فَيَكُونُ مَضْمُونًا، وَمَا قُبِضَ عَلَى جِهَةِ الأَْمَانَةِ فَلاَ ضَمَانَ فِيهِ.
جَاءَ فِي الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي: كُل مَبِيعٍ فَاسِدٍ قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ قَبْضًا مُسْتَمِرًّا بَعْدَ بَتِّ الْبَيْعِ فَضَمَانُهُ مِنَ الْمُبْتَاعِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ؛ لأَِنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمَلُّكِ، لاَ عَلَى جِهَةِ الأَْمَانَةِ. (3)
وَمِثْل ذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ: لَوِ اشْتَرَكَ مَنْ لاَ يُعْتَبَرُ
__________
(1) القواعد والفوائد الأصولية ص 112، والهداية 4 / 134، وأشباه ابن نجيم ص 337، وجامع أحكام الصغار 1 / 172، والبدائع 5 / 173، وفتح القدير والعناية والكفاية عليه 5 / 490، وابن عابدين 4 / 40.
(2) ابن عابدين 4 / 105، البدائع 5 / 305، وينظر جامع الفصوليين2 / 81.
(3) الفواكه الدواني2 / 129.
إِذْنُهُ، كَصَبِيٍّ غَيْرِ مَأْذُونٍ أَوْ سَفِيهٍ، فَلاَ ضَمَانَ. (1)
أَثَرُ الْبُطْلاَنِ فِي النِّكَاحِ:
28 - مِنَ الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْبَاطِل وَالْفَاسِدِ، وَيُتَابِعُهُمُ الْحَنَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ النِّكَاحِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ عِنْدَهُمْ. إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يُعَبِّرُونَ عَنِ النِّكَاحِ غَيْرِ الصَّحِيحِ بِالْبَاطِل أَحْيَانًا، وَبِالْفَاسِدِ أَحْيَانًا أُخْرَى. وَيُرِيدُونَ بِهِمَا مَا قَابَل الصَّحِيحَ.
لَكِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ بِالْفَاسِدِ مَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، كَالنِّكَاحِ بِدُونِ شُهُودٍ، حَيْثُ يُجِيزُ الْمَالِكِيَّةُ الْعَقْدَ بِدُونِهِ، وَإِنْ كَانُوا يَشْتَرِطُونَ الإِْشْهَادَ قَبْل الدُّخُول، وَيُجِيزُهُ أَيْضًا أَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ. وَكَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ، وَالنِّكَاحِ بِدُونِ وَلِيٍّ، حَيْثُ يُجِيزُهُمَا الْحَنَفِيَّةُ. وَكَنِكَاحِ الشِّغَارِ يُصَحِّحُهُ الْحَنَفِيَّةُ وَيُلْغُونَ الشَّرْطَ، وَيُوجِبُونَ مَهْرَ الْمِثْل لِكُلٍّ مِنَ الْمَرْأَتَيْنِ.
وَيَقْصِدُونَ بِالْبَاطِل: مَا كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، كَنِكَاحِ الْخَامِسَةِ، أَوِ الْمُتَزَوِّجَةِ مِنَ الْغَيْرِ، أَوِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثًا، أَوْ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ. (2)
__________
(1) الدسوقي 3 / 348.
(2) بدائع الصنائع 2 / 335، وفتح القدير 4 / 147، وابن عابدين 2 / 350، 351، 607، 608، وحاشية الدسوقي 2 / 241 - 248، وجواهر الإكليل 1 / 285، ومنح الجليل 2 / 49ـ 52، ونهاية المحتاج 6 / 220، والمهذب 2 / 36، 63، ومغني المحتاج 3 / 147، 148، المغني 6 / 454ـ 456، ومنتهى الإرادات 3 / 82، 83، 217.

الصفحة 121