كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 8)
النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مُطْلَقًا بِالدُّخُول (أَيْ بِالْوَطْءِ) لَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَل بِهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا (1) جَعَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْل فِيمَا لَهُ حُكْمُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَعَلَّقَهُ بِالدُّخُول، فَدَل أَنَّ وُجُوبَهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَجِبُ الْمَهْرُ كَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالْخَلْوَةِ. قَال فِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: نَصًّا لِمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَل مِنْ فَرْجِهَا. (2)
إِلاَّ أَنَّ ابْنَ قُدَامَةَ ذَكَرَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ الْخَلْوَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لاَ يَجِبُ بِهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَهْرِ، وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ الْوَطْءُ وَلَمْ يُوجَدْ، ثُمَّ قَال: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْخَلْوَةَ فِيهِ كَالصَّحِيحِ، فَيَتَقَرَّرُ بِهِ الْمَهْرُ كَالصَّحِيحِ، وَالأَْوَّل أَوْلَى. وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْمُتَلَذَّذَ بِهَا مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ تُعَوَّضُ وُجُوبًا بِالاِجْتِهَادِ، سَوَاءٌ أَكَانَ النِّكَاحُ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَمْ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ. (3)
__________
(1) حديث: " أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها. . " أخرجه أبو داود (2 / 566 ـ ط عزت عبيد دعاس) وأحمد (6 / 47 ـ ط الميمنية) وحسنه الترمذي (3 / 408 ـ ط الحلبي) .
(2) حديث: " فلها المهر بما استحل من فرجها. . . " تقدم تخريجه آنفا.
(3) بدائع الصنائع 2 / 335، وفتح القدير 3 / 243، وابن عابدين 2 / 350، 351، وحاشية الدسوقي 2 / 240، 241، 317، جواهر الإكليل 1 / 285، ومنح الجليل 2 / 35، 51، 52، والمهذب 2 / 36، 63، وروضة الطالبين 7 / 42، 51 ونهاية المحتاج 6 / 220، المنثور 3 / 9، ومنتهى الإرادات 3 / 83، ونيل المآرب 2 / 200، المغني 6 / 727.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَاجِبِ مِنَ الْمَهْرِ، هَل هُوَ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْل؟ .
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - غَيْرِ زُفَرَ - لَهَا الأَْقَل مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنَ الْمُسَمَّى. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَهَا الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى - كَنِكَاحِ الشِّغَارِ - فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْل، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لَهَا مَهْرُ الْمِثْل، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَهَا الْمُسَمَّى فِي الْفَاسِدِ وَمَهْرُ الْمِثْل فِي الْبَاطِل. (1)
وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلاَتٌ كَثِيرَةٌ تُنْظَرُ فِي (مَهْر، صَدَاق، نِكَاح) .
ب - الْعِدَّةُ وَالنَّسَبُ:
30 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ بِالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، كَالنِّكَاحِ بِدُونِ شُهُودٍ، أَوْ بِدُونِ وَلِيٍّ، وَكَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ، وَنِكَاحِ الشِّغَارِ. وَيَزِيدُ الْحَنَابِلَةُ ثُبُوتَهُمَا بِالْخَلْوَةِ؛ لأَِنَّهُ يَنْفُذُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَشْبَهَ الصَّحِيحَ.
وَيَتَّفِقُونَ كَذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ فِي النِّكَاحِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ بِالْوَطْءِ كَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ، وَزَوْجَةِ الْغَيْرِ وَالْمَحَارِمِ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ تُسْقِطُ الْحَدَّ، بِأَنْ كَانَ لاَ يَعْلَمُ بِالْحُرْمَةِ
__________
(1) المراجع السابقة.
الصفحة 123