كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 8)

يَكُونُ نَجِسًا، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ جَوَازُ أَوْ عَدَمُ جَوَازِ التَّطَهُّرِ بِمَا تَقَاطَرَ مِنَ الْبُخَارِ.

أ - رَفْعُ الْحَدَثِ بِمَا جُمِعَ مِنَ النَّدَى:
3 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ التَّطَهُّرِ بِالنَّدَى، وَهُوَ الْمُتَجَمِّعُ عَلَى أَوْرَاقِ الشَّجَرِ إِذَا جُمِعَ؛ لأَِنَّهُ مَاءٌ مُطْلَقٌ.
أَمَّا مَا وَرَدَ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَنَّ النَّدَى: نَفَسُ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ، وَمِنْ ثَمَّ فَهَل هُوَ طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ؟ فَلاَ يُعَوَّل عَلَيْهِ. (1)
ب - رَفْعُ الْحَدَثِ بِمَا جُمِعَ مِنَ الْبُخَارِ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ التَّطَهُّرِ مِنَ الْحَدَثِ وَتَطْهِيرِ النَّجَسِ بِمَا جُمِعَ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ الْمَغْلِيِّ بِوَقُودٍ طَاهِرٍ؛ لأَِنَّهُ مَاءٌ مُطْلَقٌ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، خِلاَفًا لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الرَّافِعِيُّ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُسَمَّى مَاءً، بَل هُوَ بُخَارٌ. (2)
أَمَّا الْبُخَارُ الْمُتَأَثِّرُ بِدُخَانِ النَّجَاسَةِ فَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي طَهَارَتِهِ، بِنَاءً عَلَى اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ فِي دُخَانِ
__________
(1) ابن عابدين 1 / / 120، والحطاب مع المواق بهامشه 1 / / 50، والدسوقي 1 / / 34، وحاشية الباجوري على ابن قاسم 1 / / 27، ومطالب أولي النهى 1 / / 34، وكشاف القناع 1 / 26 - 27.
(2) جواهر الإكليل 1 / / 6، والجمل 1 / / 29، وكشاف القناع 1 / 26.
النَّجَاسَةِ، هَل هُوَ طَاهِرٌ أَمْ نَجِسٌ؟ . فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ، وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى: أَنَّ دُخَانَ النَّجَاسَةِ وَبُخَارَهَا طَاهِرَانِ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الاِسْتِحْسَانِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ. وَبِنَاءً عَلَى هَذَا فَإِنَّ الْبُخَارَ الْمُتَصَاعِدَ مِنَ الْمَاءِ النَّجِسِ طَهُورٌ يُزِيل الْحَدَثَ وَالنَّجَسَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى: أَنَّ دُخَانَ النَّجَاسَةِ نَجِسٌ كَأَصْلِهَا، وَعَلَى هَذَا فَالْبُخَارُ الْمُتَأَثِّرُ بِدُخَانِ النَّجَاسَةِ نَجِسٌ لاَ تَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ، لَكِنْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ. (1)
وَأَمَّا الْبُخَارُ الْمُتَصَاعِدُ مِنَ الْحَمَّامَاتِ وَغَيْرِهَا - كَالْغَازَاتِ الْكَرِيهَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ مِنَ النَّجَاسَةِ - إِذَا عَلِقَتْ بِالثَّوْبِ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْجَسُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، تَخْرِيجًا عَلَى الرِّيحِ الْخَارِجَةِ مِنَ الإِْنْسَانِ، فَإِنَّهَا لاَ تَنْجَسُ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ سَرَاوِيلُهُ مُبْتَلَّةً أَمْ لاَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْمَذَاهِبِ لاَ تُخَالِفُ مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَذَا. (2)
__________
(1) ابن عابدين 1 / / 216، ومجمع الأنهر 1 / / 61 والدسوقي 1 / 57 - 58، وكشاف القناع 1 / / 28، والإنصاف 1 / / 319، والجمل 1 / / 179.
(2) ابن عابدين 1 / 216.

الصفحة 18